قراءة كتاب منعطفات خطرة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
منعطفات خطرة

منعطفات خطرة

المجموعة القصصية "منعطفات خطرة"، للكاتبة والفنانة التشكيلية الأردنية بسمة النمري، الصادرة عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
الغرفة الأخيرة كانت حتماً للوالدين، لون طلاء الجدران وزخرفته الأنيقة دلّت على ذوق رفيع وإحساس فائق بالرقي والجمال، كأن الستارة الوحيدة التي بقيت في المنزل كانت قد تُركت عمداً على نافذتها لتصونه وتحميه، على الرغم من مرور الزمن وتراكم الغبار بين ثناياها، إلا أن التطريز اليدوي المتقن الذي زيَّن حافتها لم يخف عليّ، فرسمت في خيالي صورة للسيدة التي كانت يوماً ما ربَّة هذه القطعة الصغيرة من الجنَّة·
 
أرخيتُ العنان لمخيلتي فانطلقت كمهر بري فضولي بين الغرف ترسم صوراً مختلفة لساكنيها·· هنا أسرَّة الأطفال، أظنهم ثلاثة، أكاد أسمع أصوات لعبهم وصراخهم وضحكاتهم البريئة ·· هناك تجلس تلك الصبية الحسناء لساعات طوال تهمس للقلم بأسرارها الحميمة، فيخطها على الأوراق المخبأة تحت الوسادة وخلف السرير أشعاراً وصوراً ··· وها هي ذي الأم تتنقَّل في أرجاء جنتها، يرن في أذني صوت وقع قدميها وهي تروح وتغدو مترنمة بألحانٍ شجيةٍ شائعة···
 
أفقت من شرودي ذاهلة، هذا المنزل ما زال يحيا بساكنيه، أيامه تصحو على ضوضائهم وتغفو لياليه على تردد أنفاسهم، سأتركه لهم، ·· على الرغم من تعلق قلبي به، سأتركه لهم وأرحل··· انسحبت بهدوء، ودَّعت الحلم الجميل وانطلقت عائدة إلى مالكة المنزل، كانت تستعد للنوم عندما وصلتُ إليها في المساء، فتحتْ لي الباب بيدٍ مرتجفة ودعتني إلى فنجان من القهوة، اعتذرتُ لها آسفة إذ لم أشأ أن أثقل عليها، يكفيها عبء السنين الذي تحمله مرغمة· ناولتها مفتاح المنزل معتذرةً لها عن عدم تمكني من السكن فيه على الرغم من إعجابي الشديد به· قرأت في عينيها تساؤلاً ينمُّ على عدم فهم أقوالي المتناقضة، لكن أظن أنها أدركت فيما بعد ما عنيتُ عندما استدرت نحوها وأنا أهمُّ بالخروج وسألتها، سيدتي، ،، لماذا تنامين وحيدة هنا وكل الذين تحبينهم ما زالوا هناك في المنزل بانتظارك؟··

الصفحات