أنت هنا

قراءة كتاب الإيجاز في الموروث البلاغي والقرآن الكريم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإيجاز في الموروث البلاغي والقرآن الكريم

الإيجاز في الموروث البلاغي والقرآن الكريم

كتاب "الإيجاز في الموروث البلاغي والقرآن الكريم"، في هذه البيئة البلاغية والأدبية نشأ الإيجاز ونما· وقد أقبل السلف من البلاغيين والكتاب والشعراء والخطباء المفوّهين على الإيجاز بكلّ أشكاله ليقيموا علاقة عكسية بين غيض اللغة وفيض المعنى، بين جزر الدالّ ومدّ ال

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
لا شكّ في أنّ هناك تناقضا جوهريا في تعريفات الرمانيّ على النحو الذي تقدّم·(59) فهو من جهة أولى يحدّ المعنى بحدود اللفظ ومن جهة أخرى يترك للمتلقي مساحة من المشاركة في تحديد المعاني· المعنى عنده هو المعنى نفسه إن طال الكلام أو قصر، لا يتغيّر لا يزيد ولا ينقص· يتغافل الرمانيّ في تعريفه الكميّ هذا عن حقيقتين: (1) السياق الذي يقال فيه الكلام بما يشمله من حالة المرسِل والمرسَل إليه والسياق الحضاري الذي يقال فيه الكلام، (2) كلّ ما يحذف من الكلام لا بدّ أن يمسّ المعنى على نحو ما، إما بصورته وإما بنوعه وإما بحجمه· ونحن ندّعي أن كلّ ما يحذف من الكلام يؤثّر على نحو ما على المعنى في مداه ونوعه· والرمانيّ نفسه يتحدّث من جهة أولى عن الغموض الناتج عن الإيجاز بوجهيه، ومن جهة ثانية يقدّم أمثلة يتساوى فيها المعنى في حال الإيجاز والإطالة· علاوة على ذلك، لم يحدّد الرمانيّ بالضبط كيف تظهر هذه المعاني في اللفظ عندما ربط بين قلة اللفظ وكثرة المعاني· هل هي كلها في اللفظ، أم أنّ هناك جانبا منها في ذهن المتلقي؟ بمعنى آخر، هل تقع هذه المعاني في الحقيقة أم في المجاز، أم أن هناك حالة بينيّة تجمع كليهما على نحو ما؟
 
يفرد أبو هلال العسكري الباب الخامس من كتابه المعروف كتاب الصناعتين(60) في فصلين مستقلين يتحدث في أولهما عن الإيجاز والمساواة وفي ثانيهما عن الإطناب بشيء من التفصيل· وقد تحدّث العسكري في مقدمة الصناعتين عن الإيجاز البديع والاختصار اللطيف(61) في سياق حديثه عن ضرورة إتقان علوم البلاغة لإدراك إعجاز القرآن الكريم· أما أبو منصور الثعالبي فيرفع الإيجاز مقاما رفيعا، ويقول في مقدمة كتابه الإعجاز والإيجاز: في الكلمات القليلة الألفاظ الكثيرة المعاني المستوفية أقسام الحسن والإيجاز الخارجة عن حد الإعجاب إلى الإعجاز(62) يشير الثعالبي في الباب الأول من هذا الكتاب إلى الإعجاز في إيجاز القرآن الكريم بقوله: من أراد أن يعرف جوامع الكلم ويتنبّه على فضل الإعجاز والاختصار ويحيط ببلاغة الإيحاء ويفطن لكفاية الإيجاز فليتدبّر القرآن وليتأمّل علوّه على سائر الكلام(63) يقسّم الثعالبي كتابه ذاك إلى ثمانية أبواب جعل الإيجاز أوّلها· وهذا إن دلّ على شيء فلا بدّ أن يدلّ على المقام الرفيع الذي جعله الثعالبي للإيجاز· والشريف المرتضى العلوي يقول في كتابه الأمالي: إعلم أنّ من عادة العرب الإيجاز والاختصار والحذف طلبا لتقصير الكلام واطّراح فضوله، والاستغناء بقليله عن كثيره، ويعدون ذلك فصاحة وبلاغة(64) والعلوي يربط بوضوح بين الاختصار والحذف من جهة وبين المجاز من جهة ثانية لكونه أبلغ وأفصح· ويؤكّد على أنّ العرب لا يتكلمون بما لا يفيد·(65) فكلّ ما يحذف من الكلام وكلّ ما يثبّت فيه فلعلّة تخدم المعنى، ويمثّل لذلك بأمثلة كثيرة·(66)

الصفحات