وُلد فيودور ميخائيلوفيتش دوستويڤسكي في الثلاثين من تشرين الأول عام 1821 في موسكو. ومنذ أن فتح عينيه للنور، وجد نفسه خارج المجتمع، بين المذلين والمهانين، حيث الفقر والألم والموت.
أنت هنا
قراءة كتاب الأبله
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
الفصل الأول
1
اقترب القطار السائر على سكة حديد فارصوفيا – سان بطرسبرغ من العاصمة الروسية في الساعة التاسعة من صباح أحد أيام كانون الأول المشحونة بالضباب والصقيع. وكانت عربات الدرجة الثالثة كثيرة الازدحام وكان التعب جلياً على المسافرين، ووجوههم الشاحبة والصفراء لا تخفي الرجفة والقلق الباديين في عيونهم بعد ليلة سفر.
ومنذ الصباح الباكر ألفى المسافران في الدرجة الثالثة نفسيهما مسوقين بتبادل الحديث فيما بينهما. كان أحدهما قصير القامة في السابعة والعشرين من عمره، أسود الشعر، ذا عينين رماديتين صغيرتين وأنف واسع أفطس مع وجنتين ناتئتين وشفتين دقيقتين تنمان عن ابتسامة وقحة تهكمية تعبر عن الشر الدفين. وكان وجهه أصفر كالموتى. وكان يحس بالدفء بسبب المعطف الذي كان يرتديه والمصنوع من فراء الاستراخان الأسود. وكان رفيقه المسافر الآخر مقروراً لأن معطفه المهلهل والمصنوع من الصوف لم يكن مناسباً لرحلة شاقة في أجواء روسيا الباردة، ابتداءً من مدينة إيدكونين حتى سان بطرسبرغ. وكان هذا بدوره أيضاً شاباً في حوالي السابعة والعشرين من العمر، طويلاً نوعاً ما، أشقر الشعر كثيفه، وذا وجنتين غائرتين ولمة دقيقة حمراء اللون عينين زرقاوين تنبئ نظراتهما النافذة بأن صاحبنا يشكو داء الصرع، ومع هذا، كان وجهه جميلاً، غير أنه كان ذا لون مائل للزرقة بسبب الصقيع. وكان يقبض على صرة من قماش باهت اللون فيها ملابسه المتواضعة. وعموماً كان شكله غير روسي.
سأله رفيقه ذو الشعر الأسود:
- هل أنت مقرور؟
- جداً. لم يخطر ببالي أن جو أرض الوطن بارد لهذه الدرجة. الظاهر أني لم أعتد عليه بعد.
- لعلك كنت في الخارج؟ أليس كذلك؟
- أجل، فأنا عائد من سويسرا مباشرة.


