وُلد فيودور ميخائيلوفيتش دوستويڤسكي في الثلاثين من تشرين الأول عام 1821 في موسكو. ومنذ أن فتح عينيه للنور، وجد نفسه خارج المجتمع، بين المذلين والمهانين، حيث الفقر والألم والموت.
أنت هنا
قراءة كتاب الأبله
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
«تقبلي هذا من بارفيون روغوزين رمزاً لذكرى لقائه بك أمس» وفتحت العلبة وتطلعت بالقرطين وندت عن فمها ضحكة وقالت:
- شكراً أيها الصديق روغوزين على هذا الصنيع الجميل!
ثم انحنت ومضت. أواه، لماذا بقيت حياً ساعتئذ؟ إن ما ساءني هو أن زاليوشيف هو من نال الفضل كله، أما أنا فكنت قصير القامة رث الثياب، وقفت خجلاً أحدق فيها جون أن أنبس ببنت شفة. بينما كان هو مرتدياً ثياباً أنيقة، موشياً قيافته بربطة عنق غالية الثمن، وتفوح منه روائح العطور الزكية. وكان يبدو لبقاً ومهذباً. وأعتقد أنها حسبته أنا نفسي طيلة هذا الوقت. وقلت له حينما عدنا أدراجنا: «اسمع، لا أريدك أن تتدخل بيني وبينها، هل فهمت؟» فضحك وقال: «قل لي كيف ستسوي القضية بينك وبين والدك؟» وقد خطر ببالي أنه من الأجدى أن أرمي نفسي في نهر نيفا حالاً بدلاً من أن أعود إلى المنزل. ولكني لم أكن أستطيع القيام بمثل ذلك أبداً، فعدت إلى البيت وبي إحساس من حُكِمَ عليه بالإعدام! ..
حدق الأمير في ملامح روغوزين وكان شاحباً ساعتئذ، ولكنه هتف بصوت مرتفع:
- هل تعرف شيئاً عن هذه القضية! حسناً، لقد ألمّ والدي بكل شيء. ناهيك عن أن زاليوشيف قد نشر الحكاية في كافة أرجاء المدينة. وقد مضى بي والدي إلى إحدى غرف الطابق العلوي وسجنني فيها قائلاً: «هذا بعض ما ستلقاه، ترقب الليل، حيث سأناقشك الحساب». ومضى بعد ذلك مباشرة إلى أناستاسيا فيليبوفنا حيث انحنى أمامها وطلب منها بخضوع أن تعيد إليه القرطين الثمينين. وقد جاءت بالصندوق الذي يتضمن القرطين ورمته بوجهه قائلة: «خذ قرطيك أيها الهرم البائس والبخيل، دونك إياهما مع أنهما عندي يساويان أكثر من السابق بعد أن وقفت على ما تعرض له بارفيون من أجلهما، وبلغ بارفيون سلامي واشكره». أثناء ذلك حصلت على قرض بقيمة خمسة وعشرين روبلاً وذهبت إلى عمتي بسكوف. واستمرت تلك المرأة الهرمة تلومني وتعنفني حتى أدى بي الأمر إلى مغادرة منزلها والتسكع بين الحانات، وكنت عندما وصلت بسكوف مصاباً بحمى حادة، وعندما هبط الليل وجدتني في بعض شوارع المدينة ملقى في مكان ما، صريع الهذيان.


