أنت هنا

قراءة كتاب بيت الحكمة العباسي ودوره في ظهور مراكز الحكمة في العالم الاسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بيت الحكمة العباسي ودوره في ظهور مراكز الحكمة في العالم الاسلامي

بيت الحكمة العباسي ودوره في ظهور مراكز الحكمة في العالم الاسلامي

في البدء نود أن نؤكد على أنَّ لـ"بيت الحكمة العباسي" جذوره التي تضرب في أعماق التاريخ، أي في تراث العراق القديم أيام السومريين والبابليين والآشوريين هنا في بلاد بابل وفي العصر البابلي القديم، أي ابتداءاً ومن حدود عام 2000 ق.م.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 9
وأخذ المأمون يسعى بشتَّى الطرق للحصول على كتب الحكمة المختلفة، فكان يُرسل العلماء وأهل الرأي إلى بلاد الروم وغيرها، لكي يفتشوا عن الكتب النادرة، ويُرغِّبوا أصحابها ببيعها، فجمعوا منها كلَّ نفيسٍ ونادر(23).
 
والناس على دين ملوكهم، فسافرت عدَّة بعثات علمية إلى بلاد الروم، لتحصيل الكتب المختلفة من طبٍّ وفلسفة ونجوم ومنطق وموسيقى وهندسة وغيرها.
 
وممن سافر إلى هذه الغاية النبيلة هم: أولاد موسى بن شاكر، فإنهم أتعبوا أنفسهم في طلب الكتب النفيسة، وصرفوا مبالغ طائلة للحصول عليها، فحصلوا على كتبٍ نادرة منها. كما أنهم أرسلوا علماء لهذه الغاية، فأحضروا لهم الغرائب منها، وأستدعوا النقلة من مختلف الأقطار، ورغَّبوهم بالبذل الكثير، فترجموا لهم غرائب الحكمة وكان الغالب عليهم: الهندسة والحيل والحركات والموسيقى والنجوم. ولهم كتاب في علم الآلات الحربية(24).
 
وممن كان يُترجم لبني موسى بن شاكر: حُنين بن إسحاق، وحُبيش بن الحسن الأعسم، وثابت بن قُرَّة، ولهم أجراً في الشهر قدره خمسمائة دينار على النقل والترجمة(25). وثابت بن قُرَّة بن مروان الحرَّاني الصابي (233 – 288هـ/845 – 900م) هو الذي أصطحبه مُحمَّد بن موسى بن شاكر إلى بغداد، لما أنصرف من بلادالروم، وأدخله في جُملة المترجمين والمُنجِّمين، فترجم هذا كتاباً في النجوم(26).
 
وممن دخل بلاد الروم لتحصيل كتب الفلك والنجوم للخليفة المأمون، هو يحيى بن أبي منصور المُنجِّم المأموني، وهذا أحد علماء "بيت الحكمة" فتوغل في بلاد الروم، وجمع نفائس الكتب التي تبحث في ذلك(27).
 
وسافر قسطا بن لوقا البعلبكي إلى بلاد الروم، وحصَّل الكثير من تصانيفهم، وعاد إلى الشام. ثم أُستدعي إلى بغداد، ليُترجم الكتب من اليونانية إلى العربية ويذكر عنه ابن النديم: "أنه كان يُقَدَّم على حُنين لفضله ونبله، وتقدمه في صناعة الطب، وكان بارعاً في علومٍ كثيرة منها: الطب والفلسفة والإعداد والموسيقى، فصيحاً باللغة اليونانية، جيد العبارة بالعربية، لذا عهد إليه بترجمة كتبٍ عديدة، فكان من التراجمة المعدودين الذين يُعوَّل عليهم"(28).
 
ودخل بلاد الروم حُنين بن إسحاق العبادي (194 – 260هـ/809 – 873م) وجدَّ في تحصيل كتب الحكمة، وبذل غاية إمكانه في ذلك، كما أنه أغتنم فرصة وجوده في بلادهم، فتعلَّم اللغة اليونانية وأحكمها، وعاد إلى بغداد ومعه تُحف نادرة من كتب الحكمة، ولازم بني موسى بن شاكر ورغَّبوه بنقل الكتب إلى العربية.
 
كان حُنين أحد أعاظم العلماء الذين خدموا كتب الحكمة، بما نقله منها وألَّفه فيها، فترجم عدَّة كتب لجالينوس وأبقراط وديقوريدس، وترجم جمهورية أفلاطون والمقولات والطبيعيات والخليقات لأرسطو، وترجم جميع مؤلَّفات جالينوس العلمية إلى السريانية ثم العربية، وترجم كتاب العهد القديم من اليونانية، فكان المأمون يُعطيه من الذهب زِنَة ما ينقله من الكتب.

الصفحات