أنت هنا

قراءة كتاب الخلعاء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخلعاء

الخلعاء

رواية (الخلعاء)، كنا نقترب بسرعة من البحر عندما قلت لا تظل ساكنا وقبل ان اجيب احسست بيدك الصغيرة تتحسسني بحركات متوترة لهفاء ولم اعرها انتباها كنت اتشبث بالضوء الاحق تحولاته الحمر الصفر البرتقالية وهي تتخالط فوق الاوتوستراد مخترقة جدار الليل الوليد ليل الكو

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
الخلعاء
 
كنا نقترب بسرعة من البحر عندما قلتِ لا تظل ساكتًا وقبل أن أجيب أحسستُ بيدكِِ الصغيرة تتحسسني بحركات متوترة لَهْفاء ولَمْ أُعرْها انتباهًا كنتُ أتشبّث بالضوء أُلاحق تحوّلاته الحُمْر الصّفْر البرتقالية وهي تتخالط فوق الأوتوستراد مخترقة جدار الليل الوليد ليل الكون الآتي من هن
 
وباشمئزاز شديد استدرتِ عني بعيدًا دون أن تقولي شيئًا ولم أقل أنا كذلك عاد الصمت يملأ الفضاء المظلم بيننا يُبْعِد أحدنا عن الآخر ذلك الصمت الخبيث الذي اختصر حياتنا الأولى كلها صخبها وعنفوانها وحبها وكرهها وتمردها واستسلامها مَنْ يستطيع أن يقاوم ذلك الصمت الآن أن ينجمنأن يجتاز حواجزه الميتة وكأنكِ لَمْ تعودي راغبة في الوصول قلتِ بلا مبالاة ألا نستريح قليلاً وانتفضْتُ أنا نستريح ولمّا نصل بعد والليل يستقر من حولنا والظلام يأتي شرقًا ينبع من أعماق الأرض يرقى إلينا من أسفل ومن خلف ومن أمام يشوّش رؤيتنا يحدّها حدًّا وكمحاولة يائسة لاختراقه غيّرْتُ الضوء فورًا فامتدّ طويلاً عاليًا أنار الكون حتى الأفق وبدتْ بفعله الأشياء بيضًا بيضًا لا شكل لها ولا لون ولا حجم وبانتباه شديد صرْتُ أبحث عن البحر الذي ضاع ذات يوم وأثار ذلك سخطك ِالمزمن وهياجكِ المخيف وأنتِ تقولين حتى البحر تريد أن تُلْغي وجوده· ودون أن أقول شيئًا جررْتُكِ من بعض أجزاءكِ جرًّا وكأن شيئًا لم يكن· حَثَثْتِ الخُطى بمرح لاحقة بي وأنتِ تتجنبين بأناقة حُفَر الماء الموحلة بين الأحجار التاريخية البَرْشاء وأمام ساحة الحجاز توقفنا معًا ونظرنا معًا ومعًا لَمْ نَرَ شيئًا سوى الحيطان كان التاريخ يقبع في مكان ما من العالم ولكن لِمَ أيقظنا بأصواته النحاسية العذبة بائع العرقسوس وهو ينغِّم شامي يا حلو شامي يااسمر بورِدْ على قلبك يا حلو بورد ولِمَ انحرفْتُ أنا انحرافًا أزليًا وأنا أُلاحق تمتمات الحواف المعدنية المنَقَّشَة الرقيقة وهي تُنَقِّطُ دَقّاتها البديعة من على ظهره دقَّة دَقَّة وهذه المرة أنتِ التي هجمتِ عليَّ كدتَ تخرج عن الطريق وكالبرق استعدتُ سيطرتي على الحركة والمسافة والليل وبدا الأوتوستراد خاليًا من كل شيء إلا منا والشمس تسكن جوف الكون العلوي بحماقة قاتلة تلك الشمس الحمراء السوداء البنفسجية التي مزجتْ نفسها بالذباب والبعوض وأدخنة الباصات العتيقة الراجفة وأبخرة الروث الطازج وطنين الدبابير وأزيز الطائرات الحائمة فوق الأرض ودقّات العرقسوسي المعدنية الصدئة ولُحوحاتكِ أسرِعْ اسرِعْ هاهي ذي الحميدية وصلناها وبفضول يائس مكسور رفعتُ رأسي عاليًا ورأيتُ الأشياء السماوية في حالتها الهوجاء العنيفة واشتَدَّ عليَّ الـْحاحكِ اشتدادًا سوقيًّا مقيتًا من جديد اسرِعْ ومن بعيد سمعتُ صدى الخَشَّة في السوق خَشَّة 

الصفحات