كتاب "مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982"، أتساءل أحياناً: لماذا ينسحب شاعر جيد من الكتابة بينما يستمر آخر ردىء، ولماذا تنطمس موهبة كبيرة وتتوارى كأنها تخجل أمام الشعر بينما تبرز موهبة ضحلة أو شبه موهبة، ولا يجد صاحبها حرجاً في أن يدافع الشعراء، بالمن
أنت هنا
قراءة كتاب مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982
الصفحة رقم: 9
فليس بين العفن الداكن في مجاهل الأوحال
وبين زرقة السماء والهواء، والهديل في سرادق الحمام
سوى امتداد قامتي
ألا ترى؟
ألا تسمع هذا المهرجان حول هامتي
حتى كأنّ هذا الانحصار في المكان
كأنّ هذا الضيق في الحراك، أو في الانتقال
يجعلني وارفة الظلال،
لكلّ من يريد أن يحطّ عن كاهله الكلال
يجعلني ثابتة
تبني عليّ الطير ما تشاءُ من أعشاشها
حتى إذا عادت إلى صغارها عِشاء·
فإنهم هناك، فوقي هناك·
الموضوعية والحوار هما جوهر ذلك المقطع· تبدأ السنديانة بعد أن أخذت زمام المبادرة، وأصبحت الضوء الوحيد في المشهد، أقول تبدأ بمحاكمة الموقف محاكمة أقرب الى العقلانية منها إلى العاطفة، إلى التريّث والتمهّل منها إلى الاندفاع والانهمار· ومن خصائص القناع أن يكون كذلك (ليضفي على صوته نبرة موضوعية شبه محايدة تنأى به عن التدفّق المباشر للذات) (د· جابر عصفور، أقنعة الشعر المعاصر، مجلة فصول، سنة 1 8 9 1)· وقد أتاح هذا اللون التعبيري للشاعر فضاءً واسعاً للحركة، وقدّم له طاقات جديدة عبّر فيها عن موقفه بعمق وخصوبة، وكان لا بدّ لتلك الموضوعية من خلال عنصر التجاذب، أو قل الصراع بين الشاعر والقناع أن تنتج ذلك الحوار الذي دار بينهما، وهو الآخر حوار هادئ خافت الصوت، وليس هذا بغريب، فهو من المستلزمات الجوهرية لذلك الرمز، بيد أنّ السنديانة يظلّ لها الصوت الأعلى فهي التي تدير دفّة الحوار، بل دفّة القصيدة كلّها ، و يستمرّ :
أما إذا داهمني الإعصار