قراءة كتاب مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982

مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982

كتاب "مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982"، أتساءل أحياناً: لماذا ينسحب شاعر جيد من الكتابة بينما يستمر آخر ردىء، ولماذا تنطمس موهبة كبيرة وتتوارى كأنها تخجل أمام الشعر بينما تبرز موهبة ضحلة أو شبه موهبة، ولا يجد صاحبها حرجاً في أن يدافع الشعراء، بالمن

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4
- 2-
 
هناك ثلاثة محاور يأخذ بعضها برقاب بعض في الشعر الذي بين أيدينا هي الذاتية، والتصوير، والموسيقى، يُسلم الأول الى الثاني، ويؤدّي الثاني إلى الثالث في تناغم متناسب، وإيقاع منسجم، ويتحرّك الشعر في ظلالها ليعبّر عن الموقف متلبّساً بالصورة، منتقياً من الأوزان ما يناسب الموقف والصورة معاً·
 
وتتجلّى الذاتية بوضوح في بروز هذه (الأنا)، وقوّتها وسيطرتها على عالم الشعر بحيث تكون الصوت الوحيد المتفرّد في غالب الأحيان، ونقول في غالب الأحيان لأنّنا لاحظنا أنّ الشاعر يعدل عنها مرة هنا، وأخرى هناك ليختار تشكيلاً قريباً من المسرحي بما فيه من حدث، وشخصيات، وحوار، أو يوظّف (القناع) يستتر خلفه لينوّع من الأساليب، وهذا - كما هو معلوم - من عناصر صنعة الشعر التي يلجأ إليها الشاعر ليقينه من أنّ الذاتية بما فيها من المباشرة لا تكفي لمواجهة الموقف الذي يريد تصويره، وهو ما سنراه فيما بعد·
 
ونحن نعلم أنّ الذاتية نزعة رومانسية أصيلة، وجدناها في الشعر العربي متمثّلة في كبار أعلامه مثل خليل مطران، وأبي شادي، وابراهيم ناجي، وعلي محمود طه، أمّا المهجريون فقد حازوا قصب السّبق فيها من حيث الالحاح عليها، وتأصيلها، وجعلها المحور الذي تدور عليه الأفلاك في شعرهم· والذاتية دوحة وارفة الظِّلال تتفرّع منها غصون وأفنان، وهي حديث عن النفس من جهة، وهي في الوقت عينه مرتكز للخروج إلى رحابة الآخر سواء أكان واقعاً ضيّقاً، أم وطناً، أم حتى عالماً فسيحاً متّسعاً، لكنّ الذاتية تظلّ أشبه بذلك النهر المنساب الذي يغذي الجداول المتفرّعة عنه يمدّها بالحياة، بيد أنّه يمنحها حريّة التحرك والانتقال، فهي ليست سجناً للذات بقدر ما هي نظرة شاملة تعرف بدايتها وهي الذات ولكنّ نهايتها مجهولة حسب مواقف الشاعر وامكاناته·
 
في قصيدته (في مجاهل ملكوت آخر) تواجهنا تلك الذاتية شامخة قوية غير أنّ لها تفرّعاتها التي تُطلّ منها على ذلك الآخر الذي أشرنا إليه، يقول :
 
في الأسر؟ أم في فلوات الخيال
 
أين أنا ؟
 
ما بين فكّي الرحى تطحن أوصالي فلا تبقي ولا حتى على الظلال·
 
ويحك! هل تريد أن يمتدَّظلّ الشيء بعد أن يمحقه الزوال؟ لكنها - يا عجباً - تدّخر الاغلال

الصفحات