كتاب "مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982"، أتساءل أحياناً: لماذا ينسحب شاعر جيد من الكتابة بينما يستمر آخر ردىء، ولماذا تنطمس موهبة كبيرة وتتوارى كأنها تخجل أمام الشعر بينما تبرز موهبة ضحلة أو شبه موهبة، ولا يجد صاحبها حرجاً في أن يدافع الشعراء، بالمن
قراءة كتاب مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

مختارات من ديوان أعوام الرمادة 1972-1982
الصفحة رقم: 8
دهر من السنين لا أرى القدّاح في البساتين
ولا أرى الأطفال
لا أعرفهم
إلا على حافة كابوسٍ بحجرة الظلام
ومرة قامت أمامي سنديانة تقول:
قف !
وقبل أن أفيق من دوامة الذهول
راحت تحاكيني كأنّ في لسانها تجربة الحكيم
يختلف هذا المقطع - وسترد مقاطع القصيدة الأخرى فيما بعد - عمّا رأيناه سابقاً من وجوه مختلفة، فهو يأتي هادئاً منساباً لا يثير من حوله ضجَّةً أو صخباً وكأنَّه يمهّد المشهد لما سيجيء بعده،· وهو أيضاً يتخفّف من وطأة الذاتية لينقل الحدث كلّه الى السنديانة التي ستقوم بالدور الأكبر فيه· وليست السنديانه أمراً عابراً يراد بها قشرة خارجية كالذي نعهده في جمهرة واسعة من شعر الطبيعة القديم، بل هي مدار الموضوع كلّه، هي (القناع) الذي يستتر الشاعر خلفه ليتركها تتحرك، وتقول· وتأتي بعد هذا بقية المشاهد:
قالت : إذا كان يسؤوك اختصار ما تجول فيه من مكان
فانظر إليّ
إنيّ لا أشغل في الحيّز إلاّ بقعةً صغيرة على مدى الزمان لكنني أغوص في الأرض بكلّ ما لديّ من جذور
وأرتقي في الجوّ من فوقي بكلّ ما لديّ من أغصان
أمتص في السكون ما يكمن في التراب من خلاصة الحياة
تحيطني الديدان·
وأنشر الأوراق في الفضاء خضراء تحيطني الطيور
ألا ترى؟ فلا يهمّك الدبيب·