رجال للبيع رواية جاءت بسبعة فصول، تلفتك لغتها الحادة، وبناؤها السردي المتناغم والمشوق، تتحدث فكرتها الرئيسية عن شاب اردني ناضل والده على حدود القدس ففقد عينه أثناء عمله النضالي، شعلة من الحماس كان الابن، ينافح عن الفقراء والمستضعفين ويروي حكاية والده بكل ال
أنت هنا
قراءة كتاب رجال للبيع
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
ألبوم الصور العائلي الذي يجمع الجدة ومريم وفلاح وطفل أبن خمس سنوات فرد أصابعه على اتساعها ليكتشف روعة اللحظة في صورة التقطها مصور مغمور في استوديو بائس على الشارع الرئيسي في صويلح، كان سبب هذه الصور هو استخراج البطاقات الصحية للعائلة، فالفقراء مثل وزراء الخارجية، لا يلتقطون الصور إلا بشكل رسمي أو لمعاملة رسمية، ألبوم الصور المتواضع هذا كان كل ما تبقى من زمن غادرت به الجدة، ثم الأم، ثم كل شيء.
من منا يعرف أن الصور التي يتم التقاطها هنا أو هناك ما هي إلا وسيلة مبتكرة للعذاب.. عذاب بدأ ولم ينته.. عذاب أحال مبكرا لون الشعر الأسود الداكن إلى أبيض.
قالت لي ذات يوم.. (يا يمه خلي السياسة لأصحاب السياسة.. ليس لي غيرك.. الله يهديك).. هززت رأسي حينها.. لم يكن لدي إجابة.
يومها لم يعجبها كلامي.. رفعت الغطاء إلى وجهها واستدارت إلى الجدار وهي تسبح بسبحتها ذات التسع والتسعين حبه.. ثم غفت ونامت وارتفع شخيرها مثل سمفونية بتهوفن.. آه ما أجمل شخيرها.. آه ما أجمل صوتها.. ما أجملها أمّاً وامرأة.. لكننا لا نعي – للأسف – جمال الأشياء إلا بعد أن نفقدها.
لم نعرف جمال فلسطين إلا بعد أن سلمناها طواعية لليهود.. لا نعرف جمال معشوقتنا إلا بعد أن نراها في يد رجل آخر.. هكذا نحن العرب نصل في كل مرة متأخرين.. ونعرف أننا وصلنا متأخرين.. وفي المرة الأخرى نصل متأخرين أيضا.. وهكذا.
كلمات العجوز التي تأبى الخروج من أذني وصورة أبي وهو يبكي بعين واحدة.. كان يتساءل: (كيف سلم العرب فلسطين لليهود.. إنها جنة الجنان.. ) لكنه لا يكمل وهو يتحسس عينه اليمنى التي خسرها في معركة كان يراهن أنها معركة البطولة والتحرير.. هناك في باب الواد عام 48 ترك أعز ما يملك الإنسان من جسده.. عينه اليمنى التي أصابتها شظية من قنبلة يهودية أصابت القاطع الذي كان عليه في وقت كانت الأوامر تأتي (لا ترم.. لا تطلق النار.. ما فيه أوامر).