كتاب "ساعة زوال" مجموعة قصصية للكاتب العماني محمود الرحبي، تضم 17 قصة تباينت في الطول والموضوع، وتباينت في الأسلوب أيضا، حيث تنقل الرحبي بين أسلوب القصة الكلاسيكي والحداثي، مفي مجموعته هذه يمزج الرحبي بين الخيالي والواقعي والاسطوري في تجليات إنسانية تحدث ف
قراءة كتاب ساعة زوال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
صمت فجأة، وتفرس في وجهي وكأنه يبحث عن زاوية مطمئنة يمكنه أن يفرغ فيها سرّه، وحين اطمأنَّ، نبس بنبرة حذرة:
- لا أعرف إن كنت ستوافق على مرافقتي إلى السجن.
- إلى السجن؟!
- اسمع. تستطيع أن تنسحب وبسهولة، وليس من داعٍ أن أكمل لك قصتي، وأعلم كذلك أن هذا لا شأن له بضيافتي لك، لقد رأيتُ رجلا ينام وحيدا أمام بيتي، ومن واجبي أن أساعده. تستطيع أن تنصرف في أي وقت تشاء وكذلك تستطيع أن تزورني في أي وقت.
- لا عليك يا عمي.. لا عليك، أنا مشوش قليلاً.. اعذرني، فمنذ أن دخلت بيتك وأنت تفاجئني بأمور غريبة، والآن تريدني أن أرافقك إلى السجن.
ذات يوم حين كنت في البحرين، وأنا منشغل بإلصاق العجين في فرني الملتهب، وكان الوقت يزحف بطيئا،اقترب مني ظلّ وغطى فوهة الفرن، وحين استدرت لأرى القادم، وجدت وجه فتاة تفور من سحنتها هالة من الضياء، كان جمالها لا يقاوم حتى إنَّ ريقي سال كثيرا في حلقي الجاف، بعد ذلك حدث الكثير، ولكن في ساحة الصمت وحدها، تصور معي أن يشرق يومك على وجه كالذي رأيت، لا بد وأنك ستصمت طويلاً متأملاً وحائراً، ثم اختفت فجأة ولم أرها بعد ذلك، ولكن وجهها ظلَّ يطاردني مثل صورة بقيت طويـلا معلقة أمام عينيّ فلم أستطع النوم، وظللت أنتظر أياما وفي الموعد نفسه، علّها تبرق فجأة، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث، كنت حينها شاباً، ولكن الأمر العجيب والذي لم أتبينه إلا حين وطأت تراب بلادي، بأنها بإطلالتها المفاجئة تلك، قد أغنتني طويلا عن كل امرأة! كانت هي امرأتي، وكانت تأتيني كل ليلة بعد أن أغفو، وتنام إلى جانبي، ولكني حين أصحو في الصباح لا أجدها، لقد ظللت وفيا للقائنا الأول ذاك، ولم أصحُ من سحرها إلا حين تنفست هواء بلدي، حينها فقط اكتشفت أن أيامي قد عبرت طويلا ولكن في إثر حلم.
(ارتخت ملامح وجهي وانفرشت في داخلي مسحة باردة من الترقب والانتظار لما سيأتي من حديث).
- ستسألني عن علاقة كل ذلك بامرأة في السجن، وسأقول لك بأن الأمر لم يكن سهلا في بدايته، فقد واجهتني صعوبة في الاقتراب من السجن، وبالأخص سجن النساء، لقد بدا لي ذلك السجن شبيها بالقصر المنيع الذي لابد من حيلة لدخوله، ولكن قصة قديمة سمعتها في صغري سهلت لي المهمة كثيرا: