كتاب "أعظم شخصيات في التاريخ"، ربما يكون من الصعب وضع مقدمة وافية شافية لمثل هذا الكتاب الذي يجمع بين دفتيه سيرا مختصرة لعشرات من أبناء البشرية الذين أثروا الحياة الإنسانية وأفادوها على مر القرون بما مكنها من تحسين حياتها ويسر لها عمارة الأرض كهدف من أهداف
أنت هنا
قراءة كتاب أعظم شخصيات في التاريخ
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
نبي الله إبراهيم عليه السلام
قال الله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا )[مريم:41]، وقال تعالى:(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ)[الأنبياء:51].
هو إبراهيم بن تارخ (وهو آزر) بن ناخور
ابن ساروغ بن ارغو بن فالَع بن غابر بن شالخ بن قينان بن ارفخشذ بن سام بن نوح ، وقيل: إن إبراهيم كان يكنى أبا الضِّيفان لأنه كان مضيافًا كثير الكرم لمن استضافه.
كان أهلُ بابل في العراق يتنعمون برغد العيش ويتفيأون ظِلال النعم الكثيرة التي أنعمها الله عليهم، ولكنهم كانوا يتخبطون في دياجير الظلم ويتَردّون في وهاد الضلال والكفر، فقد نحتوا بأيديهم الأصنام واتخذوها من دون الله آلهة وعكفوا على عبادتها، وكان عليهم حاكم ظالم مُستبدّ يقال له نُمرود بن كنعان بن كوش، قيل هو الضحاك وقيل غيره، وكان أحد الملوك الذين ملكوا الأرض وأحاط ملكه مشارق الأرض ومغاربها، فلما رأى ما هو عليه من الزعامة وما يتمتعُ به من سطوة المُلك وقوة السلطان، ورأى ما أطبق على قومه من الجهل والفساد ادعى الإلوهية ودعا قومه إلى عبادته، وقيل: كان قوم إبراهيم يعبدون الكواكب السبعة وكان لهم أصنام بشكل الشمس والقمر وأصنام بشكل الكواكب.
في وسط هذه البيئة المنحرفة وفي زمن وعهد هذا الملِك الجبار الكافر النمرود كان مولدُ إبراهيم ﷺ ، وفي موضع ولادته خلاف قيل: ولد بالسُّوس من أرض الأهواز، وقيل: ولد ببابل وهي أرض الكلدانيين، وقيل: بحران، وقيل: بغُوطة دمشق في قرية يقال لها بَرزة في جبل يقال له قاسيون، والمشهور عند أهل السير والتاريخ أنه ولد ببابل.
قال أهل التواريخ في السير: إنّه لما أراد الله عز وجل أن يبعث إبراهيم وأن يجعله حجة على قومه نبيًّا ورسولاً إليهم، ولم يكن فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام من نبي قبله إلا هودًا وصالحًا عليهما السلام، ولما تقارب زمان إبراهيم أتى المنجّمون إلى هذا الملِك نمرود وقالوا له: اعلم أننا نجد في علمنا أن غلامًا يُولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم، يفارقُ دينكم ويكسرُ أوثانكم في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا.
فلما دخلت السنة التي وصف أصحاب النجوم لنمرود بعث نمرود هذا إلى كل امرأة حُبلى بقريته فحبسها عنده إلا ما كان من أم إبراهيم زوجة آزر والد إبراهيم فإنه لم يعلم بحبلها، وذلك أنها كانت جارية لم يعرف الحبل في بطنها، فجعل هذا الملك الطاغية لا تلدُ امرأةٌ غلامًا في ذلك الشهر من تلك السنة إلا أمر به فذُبح، فلما وجدت أمّ إبراهيم الطَّلْق خرجت ليلاً إلى مغارة كانت قريبة منها فولدت فيها إبراهيم وأصلحت من شأنه ما يُصنع بالمولود، ثم سدّت عليه المغارة ورجعت إلى بيتها، وكانت تزوره وتطالعه في المغارة لتنظر ما فعل، فكان يشبّ في اليوم ما يشبُّ غيرُه في الشهر وكانت تأتي فتجده حيًّا يمصّ إبهامه، فقد جُعل رزقُ إبراهيم في إبهامه فيما يجيئه من مصّه، ولم يمكث إبراهيم في المغارة إلا خمسةَ عشَر شهرًا، ثم ترعرع وكَبرَ واصطفاه اللهُ تعالى لحمل رسالته وإبانة الحقّ ودعاء قومه إلى عبادة الله وحدَه وإلى العقيدة الصافية من الدنس والشرك، وإلى ترك عبادة الكواكب والأصنام وإلى الدخول في دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء.
ذكرت قصة سيدنا إبراهيم في عدّة مواضع من القرآن، تارة باختصار وتارة بالتطويل وتارة بذكر شأن من شؤونه في سورة، ثم شأن آخر من شؤونه في سورة أخرى.
وقصة إبراهيم تَرتبط بها قصص أخرى كقصة لوط، لأن إبراهيم ولوطًا كانا متعاصرين، ونبي الله لوط هو ابن أخي إبراهيم ، وقد آمن لوط بعمّه إبراهيم كما قال تعالى: ﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) العنكبوت 26