إن القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر تشريعنا، وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي المصدر الثاني. ومن هذين المصدرين يتلقى المسلم أكثر أحكام دينه: من عقيدة وشريعة وأخلاق.
أنت هنا
قراءة كتاب صور من صحابة رسول الله
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مقدمــة
الحمد لله حمداً يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى سائر أنبيائه ورسله، وآله الطيبين وصحبه المخلصين، ومن اتبع هداه إلى يوم الدين!
أما بعد:
فإن القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر تشريعنا، وسنة رسول الله هي المصدر الثاني. ومن هذين المصدرين يتلقى المسلم أكثر أحكام دينه: من عقيدة وشريعة وأخلاق. أما القرآن الكريم: فهو كلام الله المنزل على محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه باللفظ العربي، المتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر، والمكتوب في المصاحف، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس. وأما السنة: فهي أقوال رسول الله وأفعاله وتقريراته.
ولقد محّص السنة وعُني بها عناية بالغة علماء أفذاذ، وأئمة عظام، وحفاظ أمناء، قاموا بتدوينها وتقسيمها إلى صحيحة وحسنة وضعيفة. ولم نجد أمة من الأمم عنيت بدينها، ونقلت من تراث ماضيها ما نقلته الأمة المسلمة في هذا الشأن! وهذا التشريع الإلهي الذي بلّغه رسول الله وصل إلينا عن طريق الصحابة العدول الصادقين، واخذ عن الصحابة التابعون ومن جاء بعدهم. وقد بارك الله للصحابة والتابعين وتابع التابعين في أوقاتهم وهم يمحصون سنة رسول الله ، ويتنقلون في أرض الله الواسعة ليسمعوا الحديث عمن سمعه من رسول الله مباشرة... فتم على أيديهم في مدة وجيزة من الزمن ما لم يتم على أيدي غيرهم في آلاف السنين!
ونحن حين نتدبر ونتأمل في تاريخ الصحابة الكرام وتبليغهم لدعوة الله في العالمين، نرى أن كل ما نحن فيه من خير وسعادة إنما هو من ثمرات الجهاد الذي قام به الصحابة، إذ لولاهم لكنا –جميعاً- كفاراً: نعبد الشمس أو القمر أو الصنم أو الحجر، أو الوثن أو الشجر ... وهكذا فإن للصحابة فضلاً كبيراً على كل مسلم في هذا الوجود، لقد حرصوا –كل الحرص- على هداية الناس إلى الإسلام، وكان فرحهم بدخول الفرد الواحد في الإسلام أكثر من فرحهم بحيازة الدنيا بحذافيرها. لقد وقفوا كالشم الراسيات في أحلك الأحوال وأقساها، باذلين المال والنفس والأهل والولد في سبيل الله. وحين تتوالى المصائب عليهم من كل جانب، ويحدق بهم أعداؤهم ويضيقون عليهم الخناق، وتبلغ بهم الحراجة مبلغها ما يزيدهم ذلك إلا ثباتاً على دينهم. وما أروع ما صوره القرآن الكريم فيهم، قال تعالى:
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُـونَ الأَحْـزَابَ قَالُوا هَـذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا سورة الأحزاب/22.
لقد قام الصحابة بتبليغ رسالة الله: فأدوا الأمانة، وحفظوا القرآن الكريم والسنة. ولو فرطوا في ذلك لما وصل إلينا واحد منهما سالماً، كما ضربوا المثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة، فكانوا في الحرب المجاهدين الصابرين المحتسبين، وكانوا في السلم الهداة المعلمين، حتى لقد وصفهم رسول الله بقوله:
(النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)(1).
لقد محصت الصحابة الفتن، وامتُحنوا بالنفس والمال والوطن فاسترخصوا كل شيء من اجل رفع راية الإسلام ... هؤلاء الصحابة الكرام ما كان لواحد منهم أن يقف هذا الموقف لو لم تكن نيته خالصة لله وحده! وكيف لا تكون نياتهم خالصة، وقد نص الحكيم الخبير في قرآنه على ذلك، قال تعالى: فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا سورة الفتح /18.
فلا نعجب إذا علمنا أن الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه كان يحضّ على احترام الصحابة وينهى عن أذاهم ... ولا نعجب -أيضاً- إذا علمنا أن كثيراً من علمائنا ذهبوا إلى أن الطعن بالصحابة هو الطعن بالدين نفسه!