إن القرآن الكريم هو المصدر الأول من مصادر تشريعنا، وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هي المصدر الثاني. ومن هذين المصدرين يتلقى المسلم أكثر أحكام دينه: من عقيدة وشريعة وأخلاق.
قراءة كتاب صور من صحابة رسول الله
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
عدالة الصحابة
ثبتت عدالة الصحابة بنصوص صريحة في كتاب الله، وأحاديث صحيحة نص فيها رسول الله على ذلك. فأيّ تعديل أصح من تعديل الله ورسوله لهم؟
وإذا انتقلنا إلى المصدر الثالث من مصادر تشريعنا الذي هو (الإجماع)، نرى أن جمهور التابعين والذين جاءوا من بعدهم ومَنْ يعتد بإجماعه قد نصوا على تعديل الصحابة.
على أن تلك العدالة ثابتة للصحابة ولو لم يرد شيء في القرآن والسنة، إذ الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد وبذل كل شيء في سبيل الله يقطع بتعديلهم، كيف وقد مدح الله الصحابة بصورة عامة في آيات كثيرة، لذلك قرر أئمة أهل السنة والجماعة من نقاد الحديث وفقهاء الإسلام: أن عدالة الصحابة ثابتة من غير بحث في أحوالهم، فقد مدح الله عامة الصـحابة في آيات كريمة، منها قوله تعالى:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا سورة البقرة /143.
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ سورة آل عمران /110.
الَّذِينَ استَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌالَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ سورة آل عمران /172-173.
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ... فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ سورة الأعراف /156-157.
هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَوَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ سورة الأنفال / 62-63.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ سورة الأنفال / 64.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ سورة الأنفال / 74.
الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَيُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌخَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ سورة التوبة 20-22.
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتحًا قَرِيبًاوَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا سورة الفتح / 18-19.
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا سورة الفتح / 29.
هذا وصف رائع لذلك الجيل القرآني الفريد الذي رباه رسول الله ، فحقق أعلى مستوى في الارتقاء الخلقي والروحي. لقد صقَلَ قلوبهم المحراب، وزكاهم قيام الليل والناس نيام ... إنه الجيل القرآني الفريد الذي وصفته التوراة والإنجيل والقرآن بهذا الوصف الرائع (وقد ذكر عند الأمام مالك بن أنس رجل ينتقصالصحابة –رضوان الله عليهم- فقرأ الأمام مالك هذه الآيات حتى بلغ (يُعجبُ ...) فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله فقد أصابته هذه الآية)(2) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:
(فلا بد أن يغيظ بهم الكفار. وإذا كان الكفار يغاظون بهم، فمن غيظ بهم فقد شارك الكفار فيما أذلهم اللهُ به وأخزاهم وكبتهم على كفرهم، ولا يشارك الكفار في غيظهم الذي كبتوا به جزاءاً لكفرهم إلا كافر؛ لأن المؤمن لا يكبت جزاءاً للكفر)(3).