هذه الحياة الدنيا، ما هي إلا أيام وليل ودقائق تمضي متتابعة حاملة معها كل أقوالنا وأفعالنا، وإذا هي في النهاية سجل لنا أو علينا، وصحائف شاهدة بما قدَّمنا فخير لنا أن نسير على صراطه المستقيم، وأن يكون لنا من صالح الأعمال رصيد يضمن لنا لقاء ربنا وهو راض عنا غي
أنت هنا
قراءة كتاب التربية الروحية وتزكية النفوس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المبحث الثاني
أحسنوا الظن بالله
واعلم يا أخي أنَّ الموت أشد من ضرب السيف، وإنَّما المضروب ويستغيث، وأمَّا الميّت عند موته فإنَّه ينقطع صوته من شدة ألمه؛ لأن الكرب قد بالغ فيه، وغلب على قلبه وعلى موضع فيه، وضعفت كل جارحة فيه، فلم يبق فيه قوة لاستغاثة، ويود لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح والاستغاثة.
وتجذب روحه من جميع العروق، ويموت كل عضو من أعضائه تدريجياً فتبرد أولاً قدماه ثم ساقاه ثم فخذاه، حتَّى تبلغ الحلقوم فعند ذلك ينقطع نظره إلى الدنيا وأهلها، ويغلق دونه باب التوبة، قال رسول الله صص: ((إن الله يقبل التوبة من العبد ما لم يغرغر)) .
وروي في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صص: ((إن المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان أن. الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما أمامه، وأمَّا صاحب النار الذي ختم له بسوء فهو يبشر بها وهو في تلك الأهوال)) ، فالمؤمن من يخاف سوء الخاتمة؛ لأنَّ إبليس عدو الله أقرب ما يكون من العبد عند الموت، ويأتي بسخط العبد على الله فيما يجري عليه، ويخوفه فيما بين يديه، فحسن الظن بالله أقوى سلاح يدفع به الشيطان، في الحديث الصحيح أنَّ النَّبي صص قال: ((لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله))، وروي أنَّ رسول الله صص دخل على رجل وهو يموت فقال: ((كيف تجدك))، قال: ((أرجو الله وأخاف ذنوبي))، فقال: ((ما اجتمعا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله الذي يرجو وأمنه من الذي يخاف))، فالرجاء عند الموت أفضل من الخوف .
الصفحات
- « first
- ‹ previous
- 1
- 2
- 3