قراءة كتاب الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

تعرض الصومال لأطماع استعمارية من قبل الدول الأوروبية الغربية لما يمتلكه من موقع استراتيجي في منطقة القرن الإفريقي، وإشرافه على طرق الملاحة الدولية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

وقد رحبت بريطانيا، بدعوة هنتر واتخذت الخطوات التالية، تجاه السواحل الصومالية :
1. دعت الدولة العثمانية إلى أن تباشر سلطتها على تاجوره وزيلع وضواحيهما، بمجرد انسحاب المصريين منها، كما أبلغت الدولة العثمانية، بريطانيا بأنها مستعدة للاعتراف بملكيتها لهذا الإقليم، إذا تعهدت بعدم التنازل عن أي جزء منه لأية دولة أخرى.
2. عملت بريطانيا على إجراء الترتيبات الخاصة من جهتها بانسحاب المصريين، عندما كلفت قنصلها (هنتر) بمهمة تسهل إخلاء المصريين، من تلك المناطق، وعقد اتفاقيات مع القبائل الصومالية، الذين لم يتم الاتفاق معهم، وقد استخدمت بريطانيا مع شيوخ القبائل، وسائل الترغيب، بدفع الأموال مقابل توقيعهم على المعاهدات معها، وعندما لم يرد العثمانيون، على دعوة بريطانيا ، باستئناف ممارسة سيادتهم على مينائي (زيلع وتاجورة)، بعثت بريطانيا إنذار إلى الدولة العثمانية، وعندما لم يعط الباب العالي أي اهتمام لهذا التحذير باشرت القوات الإنكليزية، باحتلال زيلع، في 24 آب 1884.
وفي ضوء ذلك ظل الإنكليز يفكرون، في بسط حمايتهم على ما تبقى من الساحل، كما أنهم اعتبروا ، ذلك الجزء إقليماً مباحاً لا صاحب له، خصوصاً بعد انسحاب المصريين منه، ولهذا رفضوا الاعتراف بالسيادة العثمانية عليه.
ومما هو جدير بالملاحظة أن بريطانيا تعاملت بشكل مزدوج مع المنطقة المذكورة من زيلع إلى باب المندب، فهي تعترف بالسيادة العثمانية وحقها في مواجهة الدول الأوروبية الأخرى، إذا ما أرادت هذه الدول السيطرة على هذه المناطق، بينما لا تعترف بهذه السيادة علناً للدولة العثمانية، أو أنها تعترف ولكن بشروط تخدم مخططاتها الاستعمارية، وفي عام 1885 أخليت هرر من القوات المصرية، وحلت محلها القوات البريطانية، وأصبحت هرر بداية لإنشاء مستعمرات الصومال البريطاني، وبذلك أعلنت بريطانيا ، حمايتها على بلاد الصومالالمواجهة لعدن، ومن جانب آخر بدأت متاعب شعب إقليم الصومال الغربي، عندما احتلت الإقليم إثيوبيا عام 1887، حيث احتلت يومذاك قوات (منليك) مدينة هرر عاصمة الصومال الغربي، وكان ذلك الاحتلال، قد تم بإيعاز من بريطانيا، حيث ضمتها إلى إثيوبيا عام 1889، إضافة إلى منطقة الأوغادين، كمكافئة من بريطانيا لإثيوبيا لتحالفها معها ضد الحركة المهدية في السودان. وقد بقيت إثيوبيا تحتل هذه المناطق، وفقاً لاتفاقيات ومواثيق أبرمت مع بريطانيا، والتي تبعتها باتفاقيات أخرى مع بقية الدول، التي اقتسمت معها البلاد الصومالية، وقامت بوضع الحدود المصطنعة بين أقاليم الصومال الغربي، وبين بقية الأقاليم الصومالية الأخرى، حيث أدت هذه الحدود الاستعمارية إلى تمزيق شمل القبائل التي تربطها وشائج القربى.
وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية، كانت إيطاليا، قد احتلت جزءاً كبيراً من إثيوبيا، بما في ذلك إقليم الصومال الغربي الذي كان يخضع للسيطرة الإثيوبية ، وأعلن موسوليني ضم إثيوبيا إلى إيطاليا، لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً، حيث انتصر الحلفاء على دول المحور، وتم إعادة الإمبراطور الإثيوبي (هيلاسي لاسي) إلى عرشه في إثيوبيا، بعد أن أبرمت معه اتفاقية في عام 1943، تنص على أن منطقة الأوغادين الصومالية، جزء منفصل عن إثيوبيا، تتولى القوات البريطانيا إدارتها، وقد جددت تلك الاتفاقية بعد عام من توقيعها، وأكدت استمرارالسيطرة البريطانية على الإقليم الصومالي، وبهذا آلت إدارة جميع الأقاليم الصومالية-باستثناء إقليم الصومال الفرنسي (جيبوتي)- لبريطانيا.
وفي تلك الظروف ، حاولت بريطانيا إقناع الشعب الصومالي ، باختيارها كوصية عليه بعد أن وعدته بتوحيد أجزائه عند حلول ساعة الرحيل، وكما مر بنا ولكن وبرغم تلك الوعود، وتخطياً لكل المحاولات البريطانية، أبدى الشعب الصومالي معارضته لهذا الاقتراح، انطلاقاً من المثل الصومالي القائل (لا تعطي عصاك، لمن لا تقدر أن تسترجعها منه)، فاتجهوا إلى إيطاليا ذات المركز الضعيف على الساحة الدولية، في تلك الحقبة. وكرد فعل فوري وعملي ، على هذا الموقف من جانب الشعب الصومالي ، قررت بريطانيا في عام 1948 تسليم إقليمأوغادين إلى إثيوبيا، ونظراً لامتناع إثيوبيا عن التعاون مع إيطاليا في تعين الحدود بينها وبين (الصومال الإيطالي)، قامت بريطانيا بمبادرة فردية في عام 1950- قبل تسليم (الصومال الإيطالي) إلى الإدارة الإيطالية-برسم خط الحدود بين الصومال وإرتريا، وأسمته (الخط الإداري المؤقت)، ويلتقي بحدود (الصومال البريطاني) سابقاً، عند خط طول 48 شرقاً، وخط عرض 8 شمالاً، وعلى بعد 180ميلاً نحو الداخل من المحيط الهندي.
وقد رفض الشعب الصومالي هذا التخطيط لأنه جزء (الصومال الإيطالي) إلى قسمين، وجعل الكثير من السكان الذين كانوا ضمن (الصومال الإيطالي) يخضعون للإدارة الإثيوبية.
وفي 26 تشرين 2 1954 وقعت بريطانيا مع إثيوبيا اتفاقاً، تعهدت بموجبه بسحب كافة وجودها العسكري من منطقة هود، وما كان يسمى بالأراضي المحجوزة من إقليم أوغادين على أن تتولى الحكومة الإثيوبية ، إدارة هذه المناطق، ابتداء من 20 شباط عام 1955، مثلما انسحبت من فلسطين عام 1948 لتمهد للعصابات الصهيونية في السيطرة على زمام الأمور وملئ الفراغ ، الذي تركته بريطانيا، كما فعلت أيضاً عندما انسحبت من منطقة الخليج العربي، في عام 1971، لتمهد لإيران فرصة احتلال الجزر العربية الثلاث(طنب الكبرى- وطنب الصغرى-وأبو موسى).
وقد بقيت تلك المناطق التي احتلتها إثيوبيا منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم تحت الحكم الإثيوبي ، علماً أن الأراضي هذه لم تكن يوماً ما، من الأراضي الإثيوبية لكنها أرض صومالية، وهذا ما أكده (روتل رود) رئيس البعثة البريطانية التي تفاوضت على معاهدة 1897 مع إثيوبيا.

الصفحات