أنت هنا

قراءة كتاب لقاء التاريخ بالعصر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لقاء التاريخ بالعصر

لقاء التاريخ بالعصر

كتاب "لقاء التاريخ بالعصر: دعوة لنبذ الخلدونية بأبعادها المعاصرة في وعي الشعب تأسيساً لثقافة العقل"، الدراسات الأكاديمية العربية بشأن ابن خلدون ليست بالقليلة··· وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا المفكر في فلسفة التاريخ والاجتماع في الحضارة العربية الإسلامية لم يدخ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

تقدمة الكتاب

مدى حاجة الوعي الشعبي للخلدونية
الدراسات الأكاديمية العربية بشأن ابن خلدون ليست بالقليلة··· وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا المفكر في فلسفة التاريخ والاجتماع في الحضارة العربية الإسلامية لم يدخل الوعي الشعبي··· بعد· ذلك لأن الثقافة العربية السائدة مازالت ثقافة شعر وبلاغة وخطابة· وسيبقى الشعر حاجة إنسانية عاطفية وجمالية لا غنى عنها· وهذه ليست دعوة لطمسه·
ولكن أن يكون الشعر وسيلتنا للتعامل مع العصر والعالم فهذه كارثة··· وإذا كان (الشعر ديوان العرب) فإن (النثر لغة العصر) وقد تنبه الفيلسوف الألماني فردريك هيغل إلى هذه الحقيقة، عندما أشار إلى أن أهمية العقل والتفكير العقلاني العلمي في العصر الحديث صارت تتطلب نثرًا يعبر عن فكر العصر، وسبق أن دعا كاتب هذه السطور إلى تأسيس نثر عربي جديد تقوم عليه الثقافة العربية المعاصرة وشعرها المعاصر، باعتبار أن النظرية المدرسية القديمة في أسبقية الشعر على النثر في تاريخ الأمم لا تصمد للتمحيص· فالناس يتحدثون في حياتهم العادية نثرًا ثم يخرج الشعر من هذا النثر مشذبًا ومصفى على ألسنة النابغين منهم· وإذا لم يوجد النثر القائم على أسس قوية تهاوى الشعر أو الكتابة المسـماة شعرًا، والتي سُـميت تغطيةً لهذا الإخفاق (قصيدة النثر) وأعتقد أن أدونيس - وهو أبرز دعاة (الكتابة الجديدة) - قد عاد إلى جادة الصواب عندما نبه إلى أنها أصبحت (كتابة بلا كاتـب) في وقفة مراجعة لا بد من النظر فيها مليًا·
وكم كان توفيق الحكيم مصيبًا عندما تساءل : (كيف تتعرف إلى لغة دون معرفة نثرها··· وإني لأدهش كيف أن مؤلفين مثل ابن خلدون والطبري وابن رشد والغزالي··· لم يعرضوا علينا قط في دراستنا للأدب العربي في المدارس)
مطلوب أن تتأسس الثقافة العربية الجديدة، التي هي عماد النهضة العربية المنتظرة، على نثر عقلي يفهم العصر ويدرك حركة العالم ويستطيع محاورته· وهذه هي السبيل لإنقاذ اللغة العربية التي ترتفع صرخات الخوف على مصيرها في الحياة العربية·
فلن ينقذ العربية إلا عودتها إلى تراثها النثري العقلي الذي يشير توفيق الحكيم إلى نماذج منه، بالإضافة إلى استيعاب ما يماثل هذا النثر العقلي من النثر الفكري للعصر الحديث· وعندما يستوعب شعراء العربية هذه المادة الأساسية، سيقدمون شعرًا في مستوى العصر يتجاوز الترجمات الركيكة لكتابات أجنبية يسمونها شعرًا·
ويأتي نثر ابن خلدون وفكره في المقدمة مدخلاً لا بد منه لهذا التأسيس الثقافي الجديد·
فلا يكفي أن نفاخر بالرجل ونقف عند حدود هذا التفاخر· علينا أن نستوعب - عقلاً ولغة - ما جاء به من فكر وتحليل تاريخي مجتمعي لواقع مازال يحيط بنا وعلينا أن نفهمه قبل أن نغيره··· في الاتجاه الصحيح·
لقد وقفت ثقافة (النهضة) الأولى في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين عند الإحياء الشعري والأدبي، وافتقدت نزعة التحليل الاجتماعي الذي يمثل جوهر الخلدونية وجوهر مدارس علم الاجتماع الحديث وعلوم التاريخ والسياسة، بما أدى إلى اغتراب كارثي عن حقيقة الواقع العربي والواقع العالمي، الذي يمثل نهج ابن خلدون في تراثنا المدخل إليه باعتبار التاريخ حركة العالم·
إن بقاء الثقافة العربية في ذكرياتها الأندلسية - وهو ما احتل مساحة كبيرة منها - لن يساعد العرب على فهم واقعهم وعالمهم الذي يحتاج إلى علم (ليس من علم الخطابة)، كما يؤكد ابن خلدون في تقديم مادته····

الصفحات