أنت هنا

قراءة كتاب كلمات مرتجلة في مئوية الإمام الشهيد حسن البنا

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كلمات مرتجلة في مئوية الإمام الشهيد حسن البنا

كلمات مرتجلة في مئوية الإمام الشهيد حسن البنا

هذا الكتيّب الجميل يحوي ثلاث كلمات ارتجلها الداعية العالمي، المستشار الشيخ عبد الله العقيل، في ثلاثة أماكن، وفي مناسبة مرور مئة عام على مولد الإمام الشهيد حسن البنا – طيّب الله ثراه، وجعل مثواه روضة من رياض الجنة - .

تقييمك:
4.08695
Average: 4.1 (23 votes)
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

(1)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلَ له ومن يُضْلل فلا هادي له وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسوله، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا به علماً.
أيها الإخوة الكرام.. أيتها الأخوات الفضليات
أحييكم بتحية الإسلام فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وبعد:
فكما ذكر أخي الدكتور عبد اللطيف عربيات كنت ممن يتوقون ويؤملون أن يلقوا الأستاذ الإمام البنا ولقد كنت مع زميلي في الدعوة وأخي رحمه الله عبد العزيز سعد الربيعة بعد إكمال دراستي في الثانوية الشرعية أتأهب للسفر إلى مصر للدراسة هناك فكان رحمه الله يقول لي:
هنيئاً لك ستكون موفقاً بلقاء الأستاذ الإمام البنا هناك.
ولقد شاء الله عز وجل لنا أن نتتلمذ على هذه المدرسة ونحن طلاب في المدرسة المتوسطة في عام 1945م وما بعدها ولكن السفر تأخر، فلم أغادر إلاّ بعد استشهاده بثلاثة أشهر، وكان هذا الأمر مما حزَّ في نفسي، أما خبر وفاته فلم أُصعق في حياتي كلها بخبر أحزنني وأفقدني توازني كما سمعت باستشهاد الأستاذ الإمام البنا، حتى إن الوالدة رحمها الله رُوِّعت وانفجرت وقالتْ:
ما الذي جرى؟!
فقلت لها: إنَّ من أَشعُر بأن له الفضل الأول بعد الله في هدايتي إلى الطريق قد لقي الله شهيداً.
وشرحتُ لها الأمر. ثم ذهبت وأنا أعيشُ الحسرةَ في أنني لم أوفق إلى لقاء الأستاذ الإمام البنا ولكن الله عز وجل عوضني في أن التقيت مَنْ عاشوا مع الأستاذ الإمام البنا وزاملوه وتتلمذوا على يديه. وقبل هذا وذاك: كنتُ أشعر بالفخر والاعتزاز لأنني من هذه المدرسة التي وضع برامجها الأستاذ الإمام البنا وكما ذكر أخي الدكتور توفيق الواعي: أن رسالة التعاليم كنا نقرؤها في الأسرة ونحفظُ نصوصها العشرين في الفهم بعد أن نحفظ آيات من القرآن الكريم وحديثاً من الأربعين النووية ونحن طلاب في المتوسطة. وقد استوعبناها حفظاً دون أن نفقهها ونغوص في بطونها وبعد أن درسنا في الجامعة وتخرجنا وأعددنا الدراسات وغصنا في أمهات الكتب خرجنا بأن ما قام به الأستاذ الإمام البنا في هذا التلخيص الموجز الدقيق في هذا الأسلوب السهل الممتنع الذي لم يصل إليه إلا أفذاذ الكتّاب والأدباء والعلماء، فكان أصولياً في علم الأصول، محدثاً في علم الحديث، مُفسراً في علم التفسير، فاهماً لعقيدة التوحيد وللعقائد كلها، مُوفقاً في أسلوب الدعوة، مترسماً خُطى المصطفى.وقد وقفتُ عند عبارة أو عبارتين من الأصول العشرين وأنا أحكي لكم ذلك إذ ذاك وهي قوله : "ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية، أن يتبع إماماً من أئمة الدين، ويَحسُن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرُّف أدلة إمامه، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صدقُ من أرشده وكفايته".
لم نستوعب هذه العبارات، ولم نفقهها حق الفقه في ذلك الوقت، إلا بعد أن درسنا، وبعد أن تعمّقنا في دراساتنا، فالرجل قدَّمَ لنا الإسلام بأسلوبٍ سهلٍ ممتنع ينتظم آحاد الناس جميعهم، هذه الأصول التي جمع الإخوان عليها في أن يفقهوا الإسلام ويفهموه في حدود هذه الأصول العشرين، فطالبُ المتوسطة والثانوية والجامعة وأستاذ الجامعة والفلاح والمزارع والعامل والنجّار كل هؤلاء يفقهون هذا ويحفظونه ويرجعونه إلى أصوله ولمن شاء التبحر والتوسع في ذلك فله مجالاته.
واستوقفتني أيضاً عبارته رحمه الله:
"وزيارةُ القبور.. أياً كانت - سنةٌ مشروعة بالكيفية المأثورة، ولكن الاستعانة بالمقبورين وطلب قضاء الحاجات منهم والنذر لهم وتشييد القبور وإضاءتها وسترها والتمسح بها وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب إزالته".
أيها الإخوة الكرام..
بالأمس القريب فقط بدأنا نعثر ونطلع على كتب جمعت تراث الإمام البنا وهو الجهد الذي قام به: الأستاذ جمعة عبد العزيز، ومحمود عبد الحليم، وأحمد سيف الإسلام البنا، وعصام تليمة، وآخرون من إخواننا فإذا بالأستاذ الإمام البنا على قصرِ حياته، كان قمة شامخة، وكانت حياته القصيرة حياة مباركة، قد استوعب الإٍسلام في كل فروعه، وأنا أدعو إخواننا الذين يتكلمون على العقيدة.. وكثيراً ما كنا نسمع أن الأستاذ الإمام البنا داعيةٌ موفقٌ مُجاهدٌ وكذا وكذا ولكنه لم يكن عالماً متبحراً، لأنه ليس عنده إلا الرسائل والمذكرات ورسالة العقائد والمأثورات وكانوا يظنون أن هذا كل ما تركه الأستاذ الإمام البنا، ولكننا وجدنا الآن مجلدات ضخمة تربو صفحاتها على الآلاف مما كان يكتبه الأستاذ الإمام البنا في مجلة المنار لرشيد رضا ومجلة الفتح لمحب الدين الخطيب ومجلات الإخوان المسلمين ومجلة النذير والاعتصام والشهاب وغيرها مجلات كثيرة جداً، نشرت فيها أفكار الأستاذ الإمام البنا في ميادين شتى من ميادين العلم، فدل دلالة واضحة على عمقه وتبحره، وأنا الآن فقط، وبعد أن صرت على أبواب الثمانين من العمر، عرفت وعرف الإخوان أن الأستاذ الإمام البنا كان له هذا التراث الضخم.

الصفحات