"القضاء والانتهاكات الحكومية لحقوق الانسان "، هذا الكتاب يوضح الكيفية التي اهتم بها الأفرقاء الناشطون والقانونيون من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية التي تأتي كنتيجة لتأمين العدالة القانونية والقضائية المتمثّلة في فقرات الدستور القانونيّة التي تعنى بحقوق الإنس
أنت هنا
قراءة كتاب القضاء والانتهاكات الحكومية لحقوق الانسان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

القضاء والانتهاكات الحكومية لحقوق الانسان
المقدمة
...... لقد اهتم الفقهاء القانونيون والناشطون السياسيون وشاركهم في ذلك طلبة الدراسات العليا وطلبة القانون بإثراء الجانب القانوني والفقهي والسياسي وحتى الإعلامي والثقافي بمجلدات عن حقوق الإنسان والدساتير والانتهاكات التي تعرضت لها (نظرياً وعملياً) حتى بلغت الأمور حد التخمة الفكرية والأكاديمية وجرى التداخل والتشابك والفيض الذي لم يأت بفائدة نتوخاها بسبب قهر القوة وجبروتها.
فجميع المكتبات الثقافية مكتظة بالكتب والمجلدات والدراسات التي تبحث في الموضوع ذاته لكن بآفاق ورؤى واجتهادات مختلفة ومتباينة بعد أن أدلى الكل بدلوه فيها.
ولقد انصب كل اهتمام الأفرقاء الناشطين والقانونيين على كيفية تحقيق العدالة الاجتماعية التي تأتي من خلال تحقيق العدالة القانونية والقضائية المتمثلة في فقرات الدستور القانونية التي تعنى بحقوق الإنسان وفق المعايير القضائية وقبلها الإنسانية والأخلاقية، وفي مجتمعات متهرئة وآيله إلى الهاوية نتيجة حجم وشدة المظالم التي تعانيها، وقسوة القوة الغاشمة التي احتوت القضاء فسيسته وجعلته أداة قمعية وانتقامية من خصومها مسلطة على أعناق أبناء الشعب الآخرين وخصوصاً، في المجتمعات العربية المظلومة، والمبتلاة بحكام متخلفين لايعرفون سوى الدكتاتورية في تطبيق القانون، والانتقامات العدوانية التي تعدت مستوى الإرهاب المنظم.
وكان جل اهتمام الباحثين يتوخى إيجاد (خطاب قانوني وفقهي واجتماعي) يقنع ويلزم أصحاب القرار من المتنفذين الحكوميين بأن يتعاملوا مع الإنسان كإنسان (إن كان تحت سيطرة القوى والحكومات الدكتاتورية أو إن كان تحت راية شباب التغيير) بما يجنبه شر الانتهاكات الحكومية أو الرد الانتهاكي الانتقامي المضاد («لأن الإنسان في البداية والنهاية هو إنسان ولابد أن يحترم كإنسان بغض النظر عن موقفه من السلطة)إن كان فيها أو خارجها أو معارضاً لها. فالدستور هو حاميه وحامي حرياته».
كذلك لابد من احترام المادة الدستورية المشرعة بالقانون (الشرعي والوضعي) بحيث يكون القانون ملزماً للجميع لايقبل التأويل أو التحريف، ويسير باتجاه العدالة وتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع والوطن في آن واحد. وأن يكون القائمون عليه (القضاء المشرع وكذلك القضاء المنفذ وأفراد السلطة الحاكمة)، على مستوى اليمين التي أقسموها في أثناء تسلم مسؤوليات الوطن والشعب. وبذلك سوف نصل إلى مفهوم أن (الإنسان قيمة عليا) نظرياً وعملياً. بعد أن يتفقه الناس بالثقافة القانونية الإنسانية وبما يمنح المواطن من فرص أكثر لتحسين وضعه ومن مساحة أكبر من الحرية والكرامة والعدالة والمساواة على غرار ما يجري في الدول التي سميت بالمتقدمة وسبقتنا بأنصاف شعوبها الى هذا الإنجاز العظيم لتكون بذلك أكثر حضارة وأكثر إنسانية منا نحن (أهل القيم والتقاليد العربية الإسلامية الأصيلة والسابقة).
وقد كانت صرخة الثوار المدوية في أرجاء الوطن العربي صرخة قوية لكنها طبيعية ورد فعل موازٍٍ لحجم الانتهاكات الجارية. بعد أن عجز جيلنا والأجيال التي سبقته عن تأكيد هذه الحالة الإنسانية كون (الإنسان قيمة عليا) لا بد أن يحترم، وأن حقوقه يجب ألّا تنتهك (كما جاء في المفاهيم والإعلانات الدولية والدساتيرالعالمية والعربية) لكن حجم الانتهاكات التي تقوم بها الحكومات ضد شعوبها يتزايد بحجة (حماية هيبة الدولة) أو بسبب التأثيرات الأجنبية وإملاءاتها على الحكام، لتحقيق أطماعها في السيطرة على الثروات العربية إلى الأبد.
وقد كانت فرحتنا نحن جيل الطبقة المثقفة السابقة التي رضخت جراء الاحتواء الفكري ومفهوم القوة الدكتاتورية الحكومي لقرون طويلة، فرحة عارمة ونحن نشهد صفحات التغيير الشبابي بانتفاضاته المتتابعة حيث حقق الشباب في فترة قصيرة ما عجزت عنه أجيالنا لفترات طويلة، التي يليق بها وصف أحد الكتاب العرب المفكرين (بأنها أجيال «الأنا...» الملوثة).
إلا أن فرحتنا تلك لم تكتمل لأننا فوجئنا بأن تلك الصفحات قد حرفت عن اتجاهها بعد أن أفرغت من مضامينها ومحتواها، نتيجة محاولاتها المركزة لتجاوزمفهوم (الأنا) واصطدامها العنيف بخصومها المخضرمين وهي تفتقر الى القيادات الميدانية الحقيقية الفاعلة التي تحتوي المواقف ومفاجآتها وتكتيكاتها لتكيفها لمصلحة الثورات أو الانتفاضات القائمة. حيث كان فعلها عفوياً قائماً على التحدي والتضحية ومفتقراً الى التخطيط السليم والعميق أو البرنامج الاستراتيجي النوعي (قصير المدى أو بعيده) الذي لا يمكن لأي ثورة أن تتعدى الخطوط الحمراء وأن تحقق الانتصار دون أن تكون متسلحه به وبقراراته الهادفة.