أنت هنا

قراءة كتاب حب في زمن الغفلة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حب في زمن الغفلة

حب في زمن الغفلة

رواية "حب في زمن الغفلة"؛ بصعوبةٍ ما بعدها تزدردُ الأحداث، الانتظارُ يلوكُ أعصابها، يدهسها...تودُّ تسمعُ صوتَه مجدداً يهاتفها بحرارةٍ، من يستعيدهُ من غيبوبته التي طعنت الجميع؟

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

(2)

للمرة الثالثة تطلب الرقم، ثمّ تطفئ شاشة هاتفها، تتمنى لشيء، لبشر في الحياة أن ينقذها مما تغرق فيه، لو أنّ بشاراً إلى جوارها الآن، لوأنّ... الحياة لم تخاصمها على هذه الشاكلة...
تغريمٌ هذه المحاولةُ لقصّ ما كان، لاستحضار ما سيكون...
أن تستعيدَ اللحظةَ التي انفجرَ فيها كلّ شيء، الثانية التي أباحَ لها من خلالها أن تُطلق النيران، وأن ترفعَ الصوت بحدّةٍ: إيّاكَ تُزعجني بعد الآن.
بصعوبةٍ ما بعدها تزدردُ الأحداث، الانتظارُ يلوكُ أعصابها، يدهسها... تودُّ تسمعُ صوتَه مجدداً يهاتفها بحرارةٍ، من يستعيدهُ من غيبوبته التي طعنت الجميع؟ ربّما أحبّتهُ في غفلةٍ منها، ربّما اجتذبها غصباً عن ذاتها المتعبة المتمرّدة... يسألها المرّة تلو المرّة، يطلبُ، يلحُّ، يُغضبها، لكن حينما يغيبُ صوتهُ، يسكنها الشوقُ إلى السّؤال، تقعُ بين الحافّة والحافة، يُرعبها عمقُ الهاوية التي قد تبتلعها، فتصبحُ مسكونةً بالريبة، بالخوف من كلّ كلمةٍ قد يقولها، من كلّ خطوٍ قد يقومُ به، ياه، كيفَ تُكتشَفُ عتمةُ الدواخل؟
تفجؤُنا التقرّحاتُ التي تنبتُ خلسةً في أنحائها، نجدُ أنفسنا في مواجهةٍ مستحيلةٍ مع نزفها...
تزحفُ الساعاتُ، سلحفاةٌ تريدُ منها ارتقاء الجبال، بطيئة معلولة، تجرجرُ الثواني واللحظات، أذنها تترقّبُ صوت الهاتف، أحدٌ ما يطمئنها أنّه بخير، وأنّ الحياة ستنهضُ على قدميها لتسيرَ من جديد.تحدّثَ عن حبّ خالد مجنون، عن اكتشافه فجأةً بأنّها هي، لا أحد سواها المرأة التي انتظرها عشرين سنةً حتى أتت، يسألها لمَ أنت الآن بكلّ هذا البهاء والجمال؟ومن جعلكِ تتأخرين عن الموعد عشرينَ عاماً، من؟
يدها تداعبُ الهاتف الخلويّ مجدداً، ترفعه أمام ناظريها، تتملّاهُ، تضيء الشاشة، تستعرضُ الأرقام، الأسماء والأصفار...تفشلُ، لا تتمكّنُ من الإمساك بأي ذرّةٍ منه، لا شيء... تحادثُ نفسها: بلا سخافة، إيّاكِ أن تسقطي في سخافة الأشياء، أنت أقوى من هذا السقوط.
تريدُ تبقى متماسكة، لا مشكلة في كل ما حصل، أصلاً لم يحصل شيءٌ سوى إحساسها هذا بالتداعي، وكأنه كان ثمّة رباطٌ ما يمسكُ بها، حُلَّ بقدرة قادر، فراحت بعدها تتهاوى، تتحللُ أجزاؤها، تتفرّق وتتناثر مبتعدةً عن بعضها، تخفقُ في إعادة الجمع... لا تحبُّ إحساسها، كأنّ كل ما فيها مريضٌ، تفكرُ ماذا ستقولُ للطبيب إذا ما زارتهُ، أيُّ عضوٍ تسمّيه له مريضاً يحتاجُ العلاج؟
-الاتّصالُ بك كان فكرتي، لا هم لم يفكّروا، أنا من فعل، وأنا من تولّى الاتّصال...
مذ رأيتكِ في تلك القاعة، وأنت تسكنين الدّماء.لم يحدث لك هذا الأمر؟ لا لم يحدث، تنفينَ، لم تقعي فريسة النظرة الأولى، ها، لكني فعلتُ، بمجرد أن رأيتك، بمجرّد أن لمحتُ وجهك الملائكيّ، عينيك المشعّتين، وجدتكِ تنزرعينَ في قلبي، نبتةً حنوتُ عليها، وجعلتُ لها من لحمي أرضَ الجذور...

الصفحات