قراءة كتاب الآباء اليسوعيون

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الآباء اليسوعيون

الآباء اليسوعيون

"الآباء اليسوعيون"؛ هذا كتاب خارج عن المألوف بموضوعه ومضمونه.

تقييمك:
3
Average: 3 (1 vote)
الصفحة رقم: 1

المقدمــة

الآباء اليسوعيون
تاريخ وتأريخ
للسفير فؤاد الترك
أمين عام وزارة الخارجية سابقاً
رئيس منتدى سفراء لبنان
هذا كتاب خارج عن المألوف بموضوعه ومضمونه.
لست من أصحاب الاختصاص لإبداء الرأي في الأحداث والتفاصيل الواردة فيه بل أترك ذلك لذوي الشأن أو لمن هم أجدر مني به، ولكني أود أن أسجل بعض الانطباعات التي رسخت في ذهني بعد مطالعته...
الأول: أن يعمد علماني كالبروفسور النقيب الياس معلوف إلى جمع كل هذه الوقائع بأشخاصها وتواريخها وخلفياتها بمثل هذا الدأب والصبر والأناة،
الثاني: إنه يزيح القناع عن الكثير من الأسرار والخفايا «القابعة» سواء في زوايا الكرسي الرسولي ودهاليزه أو في سائر المؤسسات والرهبانيات، وخصوصاً العلاقة بين البابا الأبيض والبابا الأسود،
الثالث: يؤكد لنا أن الكمال ليس من هذا العالم، حتى في أعرق المؤسسات وأعظمها، وأنّ هذه المؤسسة العملاقة التي هي الكنيسة تواجه هي أيضاً، إلى قدسيتها وعطاءاتها وإنجازاتها البهية الباهية، التجارب والإغراءات والضعف البشري والأخطاء والخطايا وذلك، ربما، للدلالة مرّة أخرى أن الله وحده هو العلي القدير الصمد الكلي التمام والكمال،
الرابع: يبقى أن الآباء اليسوعيين عنوان هذا السفر، قد أدّوا للعالم أجلّ الخدمات في التربية والتعليم، ورفدوا مجتمعاته بجحافل من رجالات الدولة والعلماء والمفكرين والمبدعين وأعلاماً في كل حقل ومجال وعطاءات لا يمكن أن ينكرها إلّا الحسّاد والجاحدون، وأنّ لبنان، على الأخص، غنم من هذا المعين ما مكّنه من الإضافة إلى عماراته الثقافية مدماكاً حضارياً شامخاً يفخر به ويباهي...
ويبقى كذلك، أنّ البروفسور الياس معلوف أثبت أنه، إلى ألمَعيّته المهنية، رجل متعدد الموهبة والمعرفة، طبيباً مميزاً، باحثاً جلوداً، كاتباً جذاباً، ولبنانياً باراً وصديقاً عزيزاً.

التمهيــد

السبب الكامن وراء قراري في التطرق إلى موضوع الرهبانية اليسوعية الشائك والشيّق، ثم الغوص في أدق تفاصيله، عائد إلى مجموعة من التساؤلات حول جماعة بشرية نذرت نفسها من أجل خدمة الله تعالى ونشر الرسالة المسيحية وتعليم الأجيال الناشئة.
فبعد إحالتي على التقاعد خلال صيف العام 2010 ، طويت صفحة من حياتي المهنية، وانصرفت إلى التأمل في ما فشلت أو نجحت في تحقيقه طوال ثماني وأربعين سنة في جامعة القديس يوسف في بيروت. فتسنى لي اكتساب مجموعة من المعارف والكفاءات المبنية على التربية اليسوعية، علماً أنّ طباعي الاستقلالية المنقوشة في حَجَري الزحلي والمتناقضة تماماً مع «الطاعة العمياء» مهما كانت دوافعها، زادتها رسوخاً وصلابة سنوات طويلة أمضيتها على مقاعد الدراسة في مدرسة الحكمة في بيروت.
بعد الاطلاع على مجموعة من المنشورات حول هذا الموضوع، ازداد فضولي، وأردت الإحاطة بأكبر قدر ممكن من المعلومات حول هؤلاء الآباء الأفاضل في ثيابهم السوداء. فتملكتني دوماً الحيرة حول الغموض الذي يلفّ هذه المؤسسة والصرامة التي تتحكم بمقدراتها وهذا التواضع المغلّف أحياناً بنوع من الكبرياء. ولكن يجب ألا ننسى بأنه، وعلى الرغم من كل شيء، تبقى التربية اليسوعية عنوان الجودة والتفوق.
مما لا شك فيه أن الرهبانية اليسوعية أدت خدمات جلّى للبنان ودول الجوار، وكانت مشتل المثقفين ورجال الدولة والعلم، ولكن النجاح لا بل التألق الذي عرفته الجامعة اليسوعية في بلادنا، عائد أيضاً إلى مجموعات من الرجال والنساء العلمانيين اللبنانيين الذين أسهموا إلى حد بعيد في تنشئة الكوادر والاختصاصيين في الحقول كافة.
لقد اطلعت على كمّ هائل من المعلومات حول الآباء اليسوعيين خصوصاً بعدما دققت في تاريخهم الحافل بالمآسي والاضطهادات والنفي والتشرد والاستشهاد؛ فالرهبانية اليسوعية أثارت الحقد والحسد في جميع الأزمنة، ولكنها حازت، في المقابل، على إعجاب الكثيرين وتقديرهم. لقد أردت، وبكل تواضع، إغناء المكتبة العربية بكتاب موضوعي حول هذه المؤسسة الكاثوليكية الرائدة من دون أن أغفل التطرق إلى الأمور التي صنعت مجدها وعارها.
إنّ مجرد الادعاء بأن هذه الرهبانية ليست من صنع البشر، هو قمة التعجرف، خصوصاً وأنّ التغيّرات التي طرأت عليها منذ نشأتها في القرن السادس عشر حتى اليوم، هي خير دليل على طابعها البشري مع كل ما يَحمله هذا الطابع من محاسن وسيئات... أولم يدفع كل ذلك بالرئيس العام المميّز بدرو أروبي، خلف أغناطيوس دي لويولا الثامن والعشرين للتصريح يوماً بأنّ الأمور لم تعد كما كانت على أيام الأب المؤسس. فهلا وصلت الرسالة إلى أسماع المعنيين، خصوصاً وأنّ جيش الاحتياط أي، العلمانيين هم على أهبة الاستعداد بغية تصويب المسار وإكمال المسيرة.

الصفحات