أنت هنا

قراءة كتاب الأسرى الأحرار - المجلد الأول

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأسرى الأحرار - المجلد الأول

الأسرى الأحرار - المجلد الأول

كتاب "الأسرى الأحرار - المجلد الأول"؛  الأسرى الأحرار صقورٌ في سماء الوطن، إنه كتابي، وسجل ذكرياتي، وذاكرة أيامي التي أفخر بها وأعتز، فهي جزءٌ عزيزٌ من حياتي، ورصيدٌ كبيرٌ راكمته في عمري، فكان أساساً لرأس مالٍ عز أن يخسر، نما مع الزمان، وكبر مع الأيام، واست

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 10

إباحة التعذيب وتشريعه في «السجون الإسرائيلية»

التعذيب في «السجون الإسرائيلية» ليس جريمة، ولا مخالفة يعاقب عليها القانون، وليس عملاً منافياً للأخلاق والأعراف والمفاهيم المحلية، بل هو عملٌ مجاز، وفعلٌ مسموحٌ به، يرعاه القانون وتحفظه «المؤسسات التشريعية الإسرائيلية»، ويمارسه الرسميون من العسكريين والأمنيين وغيرهم، في العلن دون خفاء أو محاولة للتستر والاختباء، وإن كانوا يمارسونه في السر أكثر، إذ أجاز الاحتلال الإسرائيلي مبدأ التعذيب في السجون وأقره تشريعياً وقضائياً، وأصدر على مدى سنوات الاحتلال قوانين كثيرة تنظمه وتحميه، وهو يمارسه بانتظامٍ ووضوحٍ وصراحة وفق قوانين الأمن والمخابرات منذ إنشاء الكيان الصهيوني. غير أنّ «المشرّع الإسرائيلي» حرص على إضفاء الصفة القانونية والشرعية على ما يقوم به «جهاز المخابرات الإسرائيلي» بحق السجناء والمعتقلين خلال مراحل التحقيق المختلفة، رغبةً من قيادة «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية» في حماية عناصرها، والعاملين معها من ضباطٍ ومحققين، وإضفاء حصانة قضائية وتشريعية قانونية على ممارساتهم القاسية بحق الأسرى والمعتقلين، بما يمكنهم من الإفلات من أي مساءلة أو ملاحقة قانونية، سواء داخل الكيان الصهيوني أو خارجه، الأمر الذي يدفع المحققين إلى التمادي أكثر في القسوة في استخدام وسائل التحقيق والتعذيب المختلفة، وجعلها سياسة ممنهجة، ووسيلة معتمدة، وتشعرهم بعدم الخوف من أي نتائج أو انعكاسات تطال الأسير جسدياً ونفسياً، حتى لو أدى التحقيق إلى وفاة الأسير، وهو ما حدث بالفعل إذ أفضت عمليات التحقيق القاسية إلى استشهاد العشرات من الأسرى، وإصابة كثيرين آخرين بعاهاتٍ مستديمة وأمراضٍ مزمنة.
وقد نشرت «وثيقة إسرائيلية رسمية»، أعدها جهاز «الأمن الإسرائيلي» بتاريخ 24 ـ 11 ـ 2008، كشفت عن إباحة «المحققين الإسرائيليين» استخدام وسائل تعذيب جسدي ونفسي ضد المعتقلين، وسلطت الضوء على قرارات «المحكمة العليا الإسرائيلية» التي أباحت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي وسائل التعذيب والضغط النفسي ضد المعتقلين بقصد الحصول على معلوماتٍ منهم، وكشفت الوثيقة عن «التشريعات الإسرائيلية» التي أباحت اعتقال ذوي المعتقلين للضغط عليهم، وذلك حسب اعتراف رئيس شعبة التحقيقات في «جهاز الأمن الإسرائيلي»؛ ورغم أن هذه الوثيقة قد نشرت، واعتبرت حينها أنها كشفت عن أسرار «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» ووسائل عمله، إلا أنها في الحقيقة لم تأتِ بجديد، لأن «جهاز المخابرات الإسرائيلي»، وكل رجال التحقيق فيه، يعلمون أن مؤسستهم الأمنية، تسمح لهم باستخدام العنف ضد الأسرى، وتدافع عنهم إذا تعرض أحد الأسرى خلال التحقيق لإصاباتٍ شديدة، أو توفي نتيجة التعذيب الشديد.
كما يحرص «جهاز المخابرات الإسرائيلي» على ملاحقة أي «قوانين إسرائيلية» قد تعرض سلامة العاملين في الجهاز للخطر، أو من شأنها أن تعرضهم للمساءلة أو المحاكمة، فيبذل وسعه عبر فريقٍ كبير من المحامين و«رجال القانون الإسرائيليين» لإبطال مفاعيلها أو إلغائها، أو استباق إصدارها ليعطلها أو يجري تعديلاً عليها بما يحقق له الحصانة، وللعاملين فيه الحماية من الملاحقة، والإعفاء من المسؤولية.
ينشط «جهاز المخابرات الإسرائيلي» في تقديم الاقتراحات إلى الحكومة أو «أعضاء الكنيست الإسرائيلي» والمحاكم العسكرية على اختلاف درجاتها بالإضافة إلى المحكمة العليا لإصدار قرارات وتشريعات تسهل على أفراده، وتضيق في الوقت نفسه على الأسرى والمعتقلين، وتبيح لهم ممارسة المزيد من الضغوط والقهر والتعذيب عليهم، وتؤكد على إعفائهم من الملاحقة والمساءلة، كما تستبق «المخابرات الإسرائيلية» قرارات المحاكم بالإفراج عن بعض الأسرى، وتطالب بتغيير القرارات بحجة خطورتهم على الأمن العام.
وقد أصبحت مختلف ممارسات «الأجهزة الأمنية الإسرائيلية» ضد الأسرى والمعتقلين، سواء في السجون والمعتقلات، أو بعد الإفراج عن الأسرى، أو تلك التي تمس المعتقلين أنفسهم، أو تطال ذويهم وأسرهم وممتلكاتهم، محمية بالقانون، ومغطاة بمختلف التشريعات والقرارات، وما يستجد من الممارسات يجد بسرعة مقترحات مشاريع لتغطيتها وتشريعها، فإن رأت «المخابرات الإسرائيلية» أنها في حاجة إلى العزل أوعزت إلى الهيئات التشريعية بالعمل على إباحته بموجب قرارات وتشريعات، وإن رأت إشكالية في تحديد سن الطفل لجأت إلى المحكمة العليا للمساعدة في تحديد عمر الطفل بما يخالف القوانين والتشريعات الدولية، وإن رأت حرمان المعتقلين من حقوقهم في الزيارة ولقاء المحامين والتعليم والعلاج وغيره، فإنها تطلب تشريع ممارساتها ونيّاتها ومخططاتها وهكذا...
ولعل الجهات والهيئات والأشخاص الذين يشاركون ويساهمون في تشريع وإباحة التعذيب في «السجون الإسرائيلية» ضد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، شركاء أساسيون في الجريمة، وعليهم يقع العبء والمسؤولية الأكبر في الجريمة الدولية الكبيرة التي تمارس ضد المعتقلين؛ فهذه الهيئات تمهد الطريق أمام عناصر المخابرات، وتيسر عملهم، وتصبغ جرائمهم بالشرعية والقانونية، وهي التي تمنح المخابرات القوة، وتعطيهم الفرصة لأن يتجرأوا أكثر على المعتقلين، معتمدين على القانون الذي يحميهم، والتشريعات التي تبيح جرائمهم.

الصفحات