أنت هنا

قراءة كتاب مسافر بلا حلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مسافر بلا حلم

مسافر بلا حلم

رواية (مسافر بلا حلم)؛ صعدا الدرج الحجري الدائري بصمتٍ إلى غرفتهما. أمسك نك يدها لكنها ظلت تتقدمه بخطوةٍ أو اثنتين. شعرت أن لمسة يده منحتها ارتياحاً كبيراً، وهي تحتاج إلى الراحة في هذا الوقت. شعرت أيضاً أنها أقدمت على أفظع شيء في حياتها.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

ارتجفت ثم حفّت يدها على رداء استحمامها مرة تلو الأخرى حتى شعرت بالحرارة تغمر تلك اليد. إنها حقاً تحتاج إلى الاستحمام الآن، لكن قبل أن تفعل هذا، ثمّة الكثير من الزجاج على الأرض لتنظيفه. ما من أحد هنا سواها ليلتقط العناكب أو ليزيل كسرات الزجاج عن الأرض إذا أهملت إزالتها، لذا من الأفضل أن تقوم بعمل جيّد.
كان رأس أديل محشوراً تقريباً في الخزانة تحت مغسلة المطبخ حين رنّ جرس الباب. كانت الشمس قد غابت لتوها، لذا لم يكن من الضروري إضاءة المصابيح لكن الظلمة بدت كافية لتمنعها من رؤية ما تفتش عنه. امتدت أصابعها إلى المنطقة المعتمة في مؤخرة الخزانة.
أين المكنسة والمجرود اللعينين؟ يجب أن يكونا هنا في مكان ما.
راح جرس الباب يرنّ مجدداً، فضربت أديل رأسها بأعلى الخزانة وهي ترفعه لتقف. جرس بابها ليس من النوع الذي يمكن تجاهله، فهو لا يصدر تلك الموسيقى الناعمة التي تشير إلى أن أحدهم ينتظر بصبر خلف الباب مع باقة ورد في يده. آه، لا! هذا الجرس هو أحد الأجراس التي توحي بالاصرار، وتطلق صوتاً مزعجاً كصوت بوق درّاجة هوائية قديمة الطراز.
كلّ ما تبتغيه أديل في أمسية يوم السبت بعد قضاء نهار كامل في المكتب، هو أن تغوص في مياه ملأى بالفقاقيع في حوض استحمامها، وأن تقرأ الفصول الأربعة المتبقية من كتابها. هذا ليس بالشيء الكثير. أليس كذلك؟ حفّت مؤخرة رأسها فيما سارت بخطوات هادئة لكن سريعة نحو الباب الأمامي، وفتحته بعنف من دون أن تهتم حتى بأنها في رداء الاستحمام. كانت على وشك أن تثور قائلة: نعم؟ ماذا تريد؟ إلاّ أن الكلمات تلاشت على شفتيها. رأته مستنداً إلى الحائط والبريق يشع من عينيه، وغمّازة تزيّن كلاً من خدّيه.
عرفت أديل أن فمها كان مفتوحاً، لكنها لم تبدُ قادرة على إغلاقه مجدداً. ابتسم الضيف فتعمقت الغمازتان أكثر في خدّيه.
- مرحباً، أديل!
- نـ... ـك!
في الدقائق القليلة الأخيرة، توارت الشمس أكثر خلف أسطح المنازل وأعمدة المداخن المنتشرة في تلك الناحية، أمّا الوهج الساطع من ضوء الشرفة، فجعله يبدو دافئاً متلألئاً باللون الذهبي.
بدا نك . . . حقيقياً جداً. إنه ليس نك الذي اعتادت أن تصرخ في وجهه في خيالها على مرّ الأشهر التسعة الماضية. صوّره لها خيالها أقصر قامة، صبياني الملامح، وأقل جاذبية. استطاعت على الفور أن تشعر بتلك الكيمياء المألوفة بينهما تسيطر عليها.
نظر نك عميقاً في عيني أديل، فشعرت أن ما تبقى من خلايا دماغها الحية يتلاشى ويتحوّل إلى العدم. حرّك حاجبه، وقال: "إنه هو، لا سواه" .
هزّت أديل رأسها من دون أن تعرف حتى من أين تبدأ. لِمَ هو هنا؟ متى عاد إلى البلاد؟ والأهم من هذا، لِمَ تُراه يقف على الدرج الأمامي لمنزلها كأنّ شيئاً لم يكن؟
- هل يمكنني الدخول؟
أرادت أديل أن تقفل الباب بعنف في وجهه، وأن تطلب منه ألاّ يزعجها ثانيةً، وأن يتصل بمحاميها إذا أراد، لكنها وجدت نفسها تهز رأسها إيجاباً. لطالما تمتّع نك بتلك المقدرة المزعجة على جعلها تقوم بما يريد. على الرغم من أن قصده يبدو شريفاً دائماً، إلاّ أنّ أديل هي التي تنجرح في آخر المطاف، والتي تضطر إلى تحمّل ما نتج من سوء. كانت فكرة سيئة حقاً أن تدع نك هيوز يدخل حياتها. أما الفكرة الأسوأ فكانت أن تتزوجه.
مشت أديل في الرواق وتبعها نك. وحالما وصلا إلى المطبخ، استدارت لتواجهه. سألته: "ماذا تريد، نك؟"

الصفحات