كتاب " الإحتلال الأمريكي ومستقبل العراق " ، تأليف د.سامي الخفاجي ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب الإحتلال الأمريكي ومستقبل العراق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

الإحتلال الأمريكي ومستقبل العراق
ث. قبول المعارضة: أمام الحكومة مجالات واسعة ومتنوعة في تعاملها مع المعارضة، فهي تستجيب لمطالب بشكل متساوي مع المعارضة أو القوى السياسية الأخرى(26).
أن تنوع الأشكال الثقافية فإنها تؤثر في احتدام الصراع السياسي بين السلطة والمعارضة(27) كما أن تباين الثقافات السياسية داخل المجتمع تندرج في أهميتها حسب العلاقة بين النظام السياسي والفرد أعني حسب طبيعة إدراك الفرد لنظامه السياسي وتوجهاته نحوه على قدر ما يملك من ميول واتجاهات فكرية وطبيعة رؤية النظام السياسي للفرد نفسه(28).
تقتضي عملية قبول المعارضة داخل النظام السياسي وجود تحول جوهري في مكونات الثقافة السياسية السائدة.
أي أن السماح للمعارضة التعبير عن نفسها ورأيها من خلال توفر درجة من الحرية السياسية وإذا كان النظام السياسي منفرداً بسلطة أحادية الجانب عندها لا يمكن تحقيق المشاركة السياسية في كافة المجالات عموماً. أن وجود المعارضة لا يشكل حاجز يقف أمام الحكومة بل الصحيح المعارضة هي الجزء الثاني المكمل للحكومة ومقوم لطبيعة الأداء والسلوك للحكومة ورصد الأخطاء من أجل تصحيح أدائها.
لذلك على أجهزة الحكومة القيام بمراجعة شاملة بين الحين والآخر لمطالب المعارضة من أجل تحقيق التوازن بينهما ووضع سياسة تحظى برضا الطرفين وتخدم المجتمع في الوقت نفسه. وتحقيق سريع للمصالح المتناقضة بينهما لكي تتبلور رؤية موحدة بعيدة عن التناقض أو الصراع. وذلك باعتماد الأطر الدستورية والقانونية لتقليل البعد بينهما(29).
ويعني ذلك قيام الحكومة بتوزيع الأدوار مع المعارضة لتسهيل ممارسة الحكم بعيداً عن التفرد بالسلطة من قبل طرف واحد(30).
إضافة إلى دورهما في الوصول إلى سياسة عامة هادفة تعتمد على رؤية مشتركة تعمل من أجل استقرار الحياة السياسية انطلاقاً من ثقافة سياسية (مشتركة- تعاونية) تعترف بوجود كل منها، لأن دور الحكومة هو ممارسة الحكم، أما دور المعارضة هو تشخيص نقاط ضعف أداء الحكومة [يعني وجود المعارضة يعد مكملاً لوجود الحكومة للنهوض بأعباء الحكم ومسؤولياته].
ج. رفض وجود المعارضة: أن الرفض وسيلة لقمع المعارضة مباشرة وخاصة ضد الأفراد المنشقين أو من يشتبه في ولائه للسلطة الحاكمة وقد شاع هذا الأسلوب حتى مع أعضاء السلطة الحاكمة نفسها التي أصبحت تحسم خلافات المتنوعة السياسية والشخصية بالتصفيات الجسدية بعد إجراء محاكمات صورية أو سريعة وسرية.
وهناك أنظمة طورت أساليب ملاحقة معارضيها من خلال التهم الموجهة اليهم كصفة (متآمرين) لقلب نظام الحكم أو اتهامها بالتجسس لجهات أجنبية أو العمالة والخيانة العظمى، هذا الأسلوب يعتبر ذريعة لإصدار أحكام مشددة بحقهم كالسجن مدى الحياة أو الإعدام(31).
ولغرض الانفراد بالسلطة تتبع السلطة الحاكمة أساليب الضغط والإكراه ويجري ذلك بالطرق التالية(32):
أولاً: الكيفية التعويضية: وهي طريقة تمكن السلطة من فرض إرادتها وإخضاع المعارضة لها عبر المكافآت المجزية هذه الطريقة تصعد من شأن المنفعة الفردية من أجل اخضاع الفرد وكسب ولائه وإخلاصه للسلطة الحالية [شراء الذمم] وهذا يعني السكوت المطلق عند ممارسات السلطة وحفظ أسرارها وعفى الطرف عن أخطاءها.
ثانياً: الكيفية التلاؤمية: هذه الطريقة يتجلى من خلالها تبادل الآراء والإقناع والتثقيف بحيث يبدوا طبيعياً وملائماً وصائباً بحيث يخضع الإنسان لرغبات الآخرين خضوعاً مجبراً. وتمارس هذه الأساليب بنسب متفاوتة وفي أوقات مختلفة بحسب الظروف التي تعترضها ودرجة تعاملها مع المواقف إلى جانب الصلاحيات التي تتمتع بها.
عادة رفض المعارضة ظاهراً عندما تكون الثقافة السياسية السائدة بعيدة عن القيم السياسية الديمقراطية.
والمعارضة وهي قريبة جداً من مظاهر العمل السياسي التسلطي الرافض لوجود كيان المعارضة تماماً. وهذه السمة السياسية ظاهرة في العديد منه الدول العربية(33). طالما أن الحكومة تتمتع بالقوة الكافية عن باقي مؤسسات الدولة والمجتمع، فهي الأقدر على تخطي وجود المعارضة ورفضها أيضاً.
هناك بعض الأنظمة الاستبدادية التي تشهد استفتاءات شخصية أو انتخابات شكلية نرى قادتها لا يتأخرون في سحق المعارضة، إذا ما أصبحت لديهم القناع من ظهورها في اي وقت.
لهذا تجري عملية معالجة الصراعات السياسية في مراحلها الأولية بطريقة (بوليسية) يرافقها العنف القضائي الموجه عبر المحاكمات السياسية التي من شأنها ان تقضي على المعارضة وتفتت وجودها(34).
لأن غالباً ما تكون النخبة الحاكمة بعيدة عن واقع المجتمع ومشكلاته.
لقد وصلت أنظمة الحكم العربية إلى مرحلة رفض وجود المقاومة حتى وإن كانت [شكلية] لأن ظاهرة بقاء الحكام في السلطة أصبحت مترادفة مع رؤيته وقيادته التي ترفض وجود أي المعارضة، وستكون هناك ظاهرة السلعة الأحادية الجانب بعيدة عن جميع وسائل الاتصال وتقويم العمل السياسي مع الجماهير، إذن لابد من وجود أسس ثابتة أو متغيرة تنظم طبيعة العلاقة بين الحكومة والمعارضة.
ومن هذه الأسس شكل وطبيعة النظام الدستوري الذي يحدد شكل وعمل النظام السياسي وفق قواعد دستورية معمول بها.
وعبر الانتخابات تجري عملية ترتيب الحراك السياسي ليتسنى تحديد طرفي المعادلة السياسية.
لذا عدم حصول المعارضة على الأصوات التي تؤهلها للمشاركة في الحكم لذا سوف تتجه إلى عمل رقابي تارة ومعارضة صريحة تارة أخرى أما العملية السياسية سوف تجري وفق الثقافة السياسية السائدة لدى السلطة الحاكمة ونخبها السياسية ولدى جميع القوى السياسية والاجتماعية الأخرى التي قد تتخذ جانب المعارضة في عملها السياسي.
ح. الاحتمالات الواردة في مستقبل العلاقة بين الحكومة والمعارضة(35)
امتازت طبيعة الحكم في الدول العربية بتوتر العلاقة بين الحكومة والمعارضة بين حين آخر ولم تشهد أي هدوء إلا نسبياً عند تلاءم أعمال المعارضة السياسية مع توجهات السلطة الحاكمة الفعلية. هذه العلاقة تميزت بعدم الوضوح إلى جانب التعقيد الذي يعود سببه إلى طبيعة نظام الحكم في الدول العربية الذي يعمد إلى احتكار السلطة بيد النخب الحاكمة لأطول مدة ممكنة وفرض سيادتها على جميع القوى السياسية والاجتماعية المعارضة وحتى إذا تمتعت بهامش معين في العمل السياسي يحصل بمباركة النخب الحاكمة رغم مخاوفها من المعارضة.