أنت هنا

قراءة كتاب تاريخ لبنان الطائفي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ لبنان الطائفي

تاريخ لبنان الطائفي

كتاب " تاريخ لبنان الطائفي " ، تأليف د. علي عبد فتوني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

الفصل الأول

جذور الطائفية وتطورها في المناطق اللبنانية

بداية التكونات الطائفية

عندما دخل العرب المسلمون بلاد الشام، كانت المناطق اللبنانية كغيرها تشكل ولاية من الولايات البيزنطية مع نوع من الإدارة الذاتية. وكان أكثر السكان خليطاً من أقوام متعددة من بينهم العرب في سهل البقاع، أما دين الأكثرية فكان المسيحية ولاسيما منذ قسطنطين الكبير[1]. وقد شكّل الفتح الإسلامي مدخلًا واضحاً للمقاطعات اللبنانية حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، حيث قسمت بلاد سوريا لأسباب إدارية إلى أربع مناطق عسكرية (جُند) وكان التقسيم استمراراً لتقسيم الروم للبلاد. أما هذه الأجناد الأربعة فقد كانت دمشق وحمص والأردن وفلسطين. وقد أضيف اليها زمن يزيد بن معاوية ( 680 - 683 م) قسم خاص: جند قسرين، الذي اقتطع من جند حمص، وكان يشمل بلاد ما بين النهرين. وألحقت المدن الساحلية اللبنانية بجند دمشق[2]. وكان للسرعة والسهولة اللتين تم بهما للمسلمين انتزاع مثل هذا الإقليم الاستراتيجي الهام من أعظم سلطان في ذلك العصر، أثر كبير أكسب دولة الإسلام الجديدة نفوذا ً ومهابة في العالم، وولَّد فيها فوق ذلك ثقة بنفسها وبمصيرها .

حيال ذلك تابع المسلمون تحصين المناطق الساحلية باستقدام عدد كبير من المسلمين العرب إلى الساحل اللبناني للاستيطان فيه ولصد محاولات البيزنطيين في جعل الجبال اللبنانية قلاعا ً تنطلق منها الغزوات المخرّبة في الداخل ، وعهد إليهم بترميم الموانىء ومساعدة الجنود المسلمين في حمايتها ، وقد حلَّ هؤلاء المسلمون العرب في معظم المدن الساحلية ، كطرابلس ، وجبيل ، وبيروت ، وصيدا ، وصور[3] ، وفي بعض المدن الداخلية كعرقة في عكار وبعلبك التي نالت اهتماماً كبيراً ، حيث استوطنها كثير من العرب ومنها قبيلة « أوزاع » التي خرج منها الإمام الأوزاعي ، وأصبحت بعلبك مدينة علم وحارسة للبقاع والمناطق الداخلية من البلاد .

كما نقل معاوية بن أبي سفيان من بعلبك سنة 662 م كثيرا ً من السكان إلى صور وعكا وبقية السواحل . فكانت بعلبك حينذاك أشبه بالثكنة العسكرية والشعبية في آن واحد . واستقدم معاوية جماعة من الفرس وأسكنهم في طرابلس وغيرها لمنع الروم من النزول إلى السواحل[4] .

«ثم قرر منع المسيحيين من الإقامة في الساحل، إلا إذا دعت الحاجة إليهم»[5].

أما من الناحية الدينية فيبدو أن التسامح الديني الذي أوجده الأمويون قد أسهم في تكوين الطائفة المارونية في شمالي لبنان، بالرغم من قلة عدد هؤلاء. ففي الجبال الشمالية المحيطة ببشري كانت تسكن جماعات نصرانية يدير شؤونها زعماؤها المحليون. وقد قدّمت الطاعة للفتح الجديد وقبل المسلمون خضوعها واكتفوا بتبعيتها الاسمية لقاء الجزية والخراج. وكانت تلك المنطقة تعرف باسم «جبل لبنان». وأهم مراكزه إهدن وبشري ومدن جبة بشري[6].

وما لبثت تلك الجماعات أن تمردت على الفتح الإسلامي يساندها البيزنطيون، ثم تمردت على هؤلاء أيضاً بعد مصالحتهم للأمويين، وخاضت مع البيزنطيين معارك دامية. وقد ابتنوا أثناء ذلك الحصن المعروف بالقلعة الحجرية في انطلياس وحصن «بحرصاف». وكان أميرهم يدعى (يوحنا) ويسكن في بسكنتا، وقد شكل هذا التمركز الماروني فيما بعد أساساً لسكن تلك المنطقة[7].

الصفحات