أنت هنا

قراءة كتاب تاريخ لبنان الطائفي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
تاريخ لبنان الطائفي

تاريخ لبنان الطائفي

كتاب " تاريخ لبنان الطائفي " ، تأليف د. علي عبد فتوني ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 4

ظاهرة الطائفية خلال حكمي الصليبيين والمماليك

قسّمت المناطق اللبنانية في عهد الصليبيين إلى عدة إمارات ، منها ما هو تابع لبارونية بيروت ومنها ما يتبع لإمارة صيدا وغيرها من البارونيات في الجنوب . أما القسم الشمالي فكان ملحقا ً بإمارة طرابلس . على أن المسيحيين ما برحوا يتولون أمورهم بأنفسهم فأطلقت الحرية لأمرائهم في إدارة شؤون إقطاعاتهم ، أما بطريركهم فلم تكن سلطته عليهم محصورة في المسائل الدينية فقط بل هو بمثابة الرئيس ، يمثل وحدتهم القومية . فهم قبل قدوم الصليبيين كانوا ينزلون البطريرك منزلة أكبر رئيس عليهم متخذينه إماما ً لهم وقائدا ً في الدين والدنيا. وقد عظم شأن الاكليروس وسيادتهم ونفاذ كلمتهم فيهم على عهد المرحلة الصليبية لما للاكليروس عندهم من رفعة القدر والمنزلة[11] . وفي هذه المرحلة تعددت التجزئة السياسية ، وتعددت المذاهب الدينية وفتح الباب على مصراعيه للغزو الأجنبي . وكان الشعب الذي عانى الذل والفقر طوال عدة قرون لا يبالي عندما يتبد ل من يحكمه ، ولعبت الفوضى السياسية والدينية ، وضعف السلطة المركزية الإقطاعية في الخارج دورا ً أساسيا ً في جعل الطائفية وسيلة تجميع لمعتنقيها ، ولعب الصليبيون دورا ً هاما ً في إبراز الطائفة المسيحية كواحدة من الطائفيات المتنازعة للسيطرة على أرض مجاورة . وبدأت الطائفية النصرانية تبرز على قدم المساواة مع الطائفيات السنية والشيعية والدرزية[12] . والجدير بالذكر أن التدفق النصراني الذي رافق الغزو الصليبي للسواحل اللبنانية رك ز أقدامه التجارية في البترون وجبيل وطرابلس وبيروت وصيدا وصور . وتعز ز تباعا ً خلال الفترات اللاحقة ونشط مع توطيد العلاقة بالقنصليات التجارية والإرساليات الأجنبية[13] .

ومع بداية حكم المماليك سميت الإمارات « نيابات » ، وبقيت كل نيابة تشكل دولة مميزة نسبيا ً عن الأخرى . أما النيابات فهي ست: دمشق وحلب وحماه في سوريا ، وصيدا والكرك في فلسطين ، وطرابلس على الساحل اللبناني . وفيما بعد ، جمعت النيابات الست في نيابتين رئيسيتين هما : دمشق وحلب ، طوال القرن الثالث عشر ، ثم عاد المماليك في القرن الرابع عشر إلى تقسيم تلك المناطق إلى سبع نيابات ضمت النيابات الست السابقة بالإضافة إلى نيابة غزة ، وكانت منطقة لبنان القديم تتبع نيابة طرابلس ، في حين أتبعت مقاطعات جبل الشوف والبقاع وبعلبك وبيروت وصيدا لنيابة دمشق[14] .

إن التمركز السكاني والتقسيم الجغرافي في المناطق اللبنانية ارتدى وجها ً طائفيا ً تسبب في نشوء سياسي ارتكز أساسا ً على استقلالية نسبية لكل طائفة تسيطر على منطقة خاصة بها[15] .

وكان من نتائج هذا الانغلاق الطائفي – الاجتماعي – الاقتصادي أن تحولت العائلات الاقطاعية إلى حكومات محلي ة مصغرة ، تتآلف وتتناحر وفقا ً لمصالحها الخاصة ، وليس وفقا ً لسياسة الدولة الحاكمة ، وهذا التحول الإقطاعي هو الذي طبع العصر المملوكي بطابعه ، وظل مستمرا ً فيما بعد في العهد العثماني .

الصفحات