أنت هنا

قراءة كتاب من القلب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من القلب

من القلب

هذه مقالات كتبتها بمداد القلب وحاولت أن أضمنها كل مشاعر الصدق والحب والجمال، والألم والمعاناة أيضا.  وآمل أن يجد القارئ فيها متعة روحية وفائدة معنوية ويحس بما جاء فيها من صدق الكلمة، وحرارة الشعور، والله ولي الصادقين.  

 (المؤلفة)

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1
عرض وتقديم:
 
الدكــتور زهــير إبراهــــيم
 
أستاذ الأدب العربي في جامعة القدس المفتوحة / منطقة نابلس
 
إن أول ما يشد انتباه القارئ لمقالات الأستاذة الدكتورة أفنان دروزه عنوان الكتاب "من القلب"، فمنذ الوهلة الأولى يشطح بك الخيال لتتساءل ماذا تريد الكاتبة؟ وهل ما جادت به قريحتها هو إحساسها الصادق بخلجات قلوب أبناء شعبها وأمتها التي يعتصرها الألم والمعاناة مما تكابد من ويلات الاحتلال الغاشم؟ أم ما يربض على صدرها من مكابدتهم للممارسات القهرية، والضغوط النفسية التي يعايشها كل مواطن في حياته اليومية، فتجعله محبطا يائسا يترنح من معاول الهدم، والكبت، والظلم، وهو يرى بأم عينه كيف يستباح وطنه، وتنهب مصادر ثروة بلاده، وتفرض عليه القيود في كل مناحي حياته. فهو لا يستطيع ولا يملك حرية التنقل أو التفكير، أو العيش الكريم، فقد ضاقت به السبل وضيّقت الخناق حول عنقه، في كل لحظة يعيشها، حتى في منامه تلاحقه الكوابيس لتنغص عليه أحلامه.
 
وكيف الحال إذا ما كانت كاتبة وباحثة وعالمة ومربية إحدى هذه الحالات المتوثبة والمتيقظة لما يدور حولها، وما تكابده وتعانيه في مكان عملها، أو سكناها، فينبض قلبها ويختلج، فتخرج هذه المقالات صادقة ومعبرة فكأنها أمتها، وكأن أمتها هي وبلدتها نابلس معقل جبل النار، وعاصمة الثوار التي ينبض فيها الحجر والشجر قبل الإنسان، بالتوق إلى الحرية، والنضال من أجل إزالة أدران الاحتلال والقهر والتخلف، وكيف إذا ما كانت أديبتنا صاحبة قلم صادق ومعبر فيخط على صفحات الكتب وينقش على جدار الزمن، ما ينبض به قلبها، وما تعيشها وتعيها ذاكرتها من أحاسيس، ومشاعر لا حدود لها في التعبير بأمانة وإخلاص، عن واقع مرير، ورؤيا لمستقبل واعد بالخير والعطاء والحرية.
 
فمقالاتها الثماني والثلاثون جاءت نابضة بالحياة والحب، وتتراوح بين هذه المعاني السامية التي تنشدها، وتحض عليها، فهي تواقة إلى حياة كريمة خالية من الشحناء والبغضاء، وما ينغص الفرد والمجتمع على حد سواء من كدر العيش، وسوء المعيشة، وما يفسد الود بين الأفراد وبين الجماعات على حد سواء، فتستفتح مقالاتها بعنوان " فلنحسن الظن"، فيها تطالب الجميع بأن يحسنوا الظن، وكيف لا، والظن آفة هدامة تخلخل العلاقات الاجتماعية، وتعمل على تفكك المجتمع، فترى أديبتنا سوء الظن بأنه "تحريف القول عن مواضعه، وتأويل الأحاديث بطريقة مقلوبة، ووضع الأمور في غير نصابها الصحيح" وهو عندها يعد بمثابة الإثم الذي يستوجب التوبة والاستغفار، لأن فيه اتهام الآخر بما ليس فيه، وإيذاء لمشاعره، وطعنا لأفكاره ومبادئه"، وتخلص إلى نتيجة حتمية بقولها: "لولا سوء الظن لأزهرت العلاقات الاجتماعية وأينعت، وأثمرت الدر والجوهر، وملأت الحياة حبا وسعادة وعملا وإخلاصا وراحة نفسية وطول عمر. هيا فلنحسن الظن بالآخرين هدانا الله." وهذه معانٍ جميلة سامية حض عليها الدين الإسلامي الحنيف بقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم"، وقوله عليه السلام: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث."
 
وهكذا تمضي بمقالاتها من دعوة إلى التسلح بالأمل، وعدم العبث بالثقة، وأشياء تحيرنا، وكل عام والمتفائلون بخير، إلى جمال الصدق، ولا شيء يعادل الوطن. وهكذا تمضي الكاتبة التي لا يزال قلمها المعطاء، وقلبها الدافق بالحب، ونفسيتها المستشرفة إلى غد أفضل، تشد القارئ إلى هذه المشاعر النبيلة من دعوات تتناول مختلف مناحي الحياة. وإذا شئت أيها القارئ قلّب صفحات الكتاب لتطالعك مقالاتها بالعناوين المعبرة عن واقع مرير صعب، من مثل "الصابرون المرابطون"، و "طريق الآلام"، و "الأخلاق أساس الدولة"، وغيرها، وآخر جميل عذب من مثل "شكرا أساتذتي، وتربية النفس، والرياضة الروحية" وغيرها، وكيف لا وهي التي تقول في مقالتها عندما يدق القلب: "ما الذي يحدث عندما يدق القلب! ما الذي يطرأ على الإنسان من تغيرات فتجعله يرى الأشياء فجأة ملونة بألوان قزح! ما التفاعلات التي تحدث في كيميائياته فتجعله يشعر بالراحة والهدوء الذي يود أن يخلد له العمر كله". وتمضي في مقالتها الدهر يومان، فتقول: "الذي عرف بجبروته وسطوته وسلطانه وظلمه ونفاقه وبمؤامراته وخداعه، وكان يحكم ويرسم، ويعاقب ويعفو، ويرفع ويخفض، ويعين ويقيل، ويظلم ويفتك وكأنه يد الشيطان على الأرض مع أنها يد واهية، كل هذا سيذهب أدراج الرياح، وتقلب له الحياة ظهر المجن، لقد شاء القدر أن يسخط على هذا الرجل وينقله من مقاعد الحكام إلى مقاعد المحكومين، ومن كراسي الرؤساء إلى حصيرة المرؤوسين، ومن عز المكاتب إلى ذل الملاجئ، ومن فئة الظالمين إلى فئة المظلومين" فالدهر يومان يوم لك ويوم عليك، ويخطئ من يظن أنه سيبقى في الغمة إلى الأبد، وعليه فإن ثبات الحال من المحال، وهي سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا".
 
حقا إنها مقالات متنوعة جادت بها قريحة الكاتبة وخبرتها وعلمها، فما عليك عزيزي القارئ إلا أن تتنقل بين أزهار حديقتها كالفراشة والنحلة التي تتوق إلى الرحيق، وتغذي روحك وعقلك من بهاء العبارة، وصفاء الفكرة، وخلاصة التجربة؛ فتنشد الأمل والمستقبل، وتغني للحب والعطاء، وتتسلح بالإيمان، وتمضي في رحلة العمر بعزة وشموخ وكبرياء، بالعزيمة نفسها، وبالثقة ذاتها، التي أودعتها الأديبة الدكتورة أفنان في مقالاتها الساحرة، وأسلوبها الأخاذ، ورشاقة الكلمة، ورصانة الفكرة، وأصالة المنهج.

الصفحات