أنت هنا

قراءة كتاب الخطاب الديني في أهل الكتاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الخطاب الديني في أهل الكتاب

الخطاب الديني في أهل الكتاب

كتاب " الخطاب الديني في أهل الكتاب " ، تأليف قاسم أحمد عقلان ، والذي صدر عن دار زهران ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5

- كما تفيد الآية بالنص الصريح على عموم النهي الدال على التحريم, عن التفريق بين أولئك الرسل والنبيين, أي النهي عن التفريق فيما أنزل عليهم من وحي وكتاب مطلقاً, والقول بتفضيل بعض ما نزل على البعض الآخر, أو القبول بالبعض ورفض وإنكار البعض، أو التصديق بما أنزل على البعض وإنكار ما أنزل على الآخرين, وما أشبه ذلك مما يدل عليه معنى كلمة: (التفريق)، لأن التفريق بين الرسل وما أنزل عليهم, تفريق لماهية أصل الدين الحق الكل، الذي لا يصح فيه التقطيع، أو التجزئة، والتبعيض, أو البخس والتنقيص والتعييب, فكل ذلك سبب للتفرق والإختلاف بين الناس المكلفين بعبادة الله رب العالمين, والتوحد والإجتماع، وعدم التفرق والإختلاف، والمشاقة لله أو لرسله أجمعين.

- وتدل الآية بمفهوم المخالفة ودلالة الإلتزام, على وجوب فهم دين الله تعالى كله، فهماً يحقق ويجلب للناس الأخوّة العامة, والوحدة العامة الكلية, ويدرء عنهم مفسدة التفرق والإختلاف الديني، والظلم والبغي والعدوان, أو الشرك بالإله المعبود الواحد الأحد الفرد الصمد، لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته سبحانه وتعالى.

- كما تدل الآية كذلك أن جميع الرسل والأنبياء يدخلون في عموم مفهوم اسم الإسلام, ويحكم عليهم كلهم بمعنى ذلك الاسم العام، الإسلام قطعاً, بدليل قوله تعالى على لسان المخاطب بالآية محمد عليه الصلاة والسلام ومن معه من عموم إخوانه الرسل والنبيين, (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(, فهو ضمير, يدل على الجمع مطلقاً, فالآ ية تقرر أن كل رسل الله وأنبيائه مسلمون, فهو اسم وصف لقب مشتق يحكم به لكل رسول ونبي أوحى الله إليه في زمانه وجيله ومكانه, من آدم و حتى رسوله الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام.

- والأسماء المشتقة تدل على معانٍ وأحكام يصلح أن يعلل بها أحكامها، وأن تكون أسبابا يترتب عن إضافتها إلى من قام بها مسبباتها ومعانيها المدلول عليها باللفظ, فإذا قيل: فلان مسلم؛ فإنه يدل بمعناه على ثبوت وصف ولقب الإسلام بعين وشخص فلان من الناس، ونحو ذلك, فهي قطعاً ليست أسماء جامدة, وضعت لتدل على أشخاصها وأعيانها وأوصافها المحددة, بل أسماء معللة بمعانيها الدالة عليها بتلك الألفاظ الموضوعة لها من جهة أصحاب الوضع ، وصاحب الشرع.

- وتدل الآية أيضاً صراحة أن من ابتغى وقصد التدين بغير دين الإسلام, فإن الله لن يقبل منه تديّنه وعمله وسعيه والتقرب به إليه سبحانه وتعالى, لأن غير دين الإسلام, لا يسمى بالدين, ولا يدخل أصلاً في عموم مسمى الإسلام, بل لا يطلق عليه اسم الإسلام, وإنما يكون داخلاً في الهوى والشرك والضلال, لعدم صحة نسبته إلى الله تعالى, أما ما صح نسبته وإضافته إلى الله تعالى؛ فهو داخل في عموم مفهوم اسم الدين والإسلام العام الكلي, فالذي لا يقبل عند الله تعالى هو ما ليس ديناً ولا أصل له, بل هو باطل وفاسد, كما تدل الآية بدلالة التضمن الجزئية, أن ماهية المنزل على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام, يدخل في عموم مفهوم الدين والإسلام، ويطلق عليه كله اسم الإسلام, ويصح التدين به والتعبد والتقرب به إلى الله تعالى, وهذا المفهوم جاء مصرحاً به في آيات أخرى سيأتي شرحها وبيانها ولا تدل على حصر الدين والإسلام، فيما أنزل على رسوله الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام فقط, ومن فهم غير هذا فقد جانب الصواب يقيناً، فسياق الآية نفسها ينفي قصد ذلك المعنى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(18, فكل ما جاء عن الله تعالى إلى جميع أولئك الرسل وغيرهم وجميع النبيين حقاً وصدقاً ويعمه اسم جنس الإسلام قطعاً, والمتدين المتعبد به يسمى مسلماً, ومنهم من تعبّد وتدّين بما جاء به رسوله محمد الخاتم عليه الصلاة والسلام عاماً وخاصاً، أصلياً وتبعياً.

- والآيات كلها سيقت لتقرير حقيقة وحدة الدين ووحدة المنزل من لديه, ووحدة الغاية والمقصد والهدف من إنزاله قطعاً, ثم وحدت المصالح والمنافع وعمومها وطردها في كل الناس المكلفين المتحققين القائمين به, فكل مؤمن مسلم عامل مؤدٍ لما كلف به, فقد قام بفعل أسباب جلب وحفظ ورعاية مصالحه العاجلة والآجلة, ودرأ عن نفسه أسباب المفاسد العاجلة والآجلة.

- أمر الله تعالى رسوله الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام أن يتبع ملّة رسوله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(19.

- والملّة: اسم يدل على الدين والشرعة، المنزلة على رسولهم, وعلى القوم المكلفين بها، وعلى الزمان، والمكان الواقع فيه نزول ذلك الدين, والذي تحقق في واقع الناس المخاطبين بالقيام بها وأدائها تلك الفترة المحددة من الزمان.

- ولو كان الدين والشرعة المنزلة على إبراهيم عليه الصلاة والسلام مختلفاً في أصوله وكلياته، ومقاصده وأهدافه, ما أمر الله رسوله محمداً عليه الصلاة والسلام بإتباع دين وشرعة ومنهاج ذلك الرسول، الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام, فدّل بيقين أن أصل الدين عند الله واحد غير مختلف البتة، في كلياته العامة الأصلية ، وأصوله الإيمانية، الدينية.

- بيان مفهوم الآية: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ * فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(20.

الصفحات