كتاب "استراتيجيات عاطفية، واختيار الشريك المناسب"، عنوان ملفت قد يتوقف المرء الذي يسقط عليه دواخله. فمن كانت نظرته إلى الحب تفاؤلية استظرفه واستطرفه، ومن كانت نظرته تشاؤمية استقبحه وظن فيه مضيعة للوقت وإفساداً للإنسان.
أنت هنا
قراءة كتاب استراتيجيات عاطفية - كيف تختار الشريك المناسب؟
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

استراتيجيات عاطفية - كيف تختار الشريك المناسب؟
تــوطــئة
عام 1991، شكل العازبون والأشخاص غير المرتبطين شريحة ديموغرافية تعتبر الأكثر أهمية من أي وقت مضى. وتبدلت أوضاع المرأة «فأصبحت أكثر استقلالية» ولها اليوم وظيفتها أو مهنتها. تتقاضى أجراً وتكسب مداخيل. أي باختصار أصبحت اليوم أكثر استقلالاً من الرجل على أكثر من صعيد، وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا المالية. وهذا ما يفسر ازدياد نسبة الطلاق عن ذي قبل. ذلك أن نمط العلاقات، التي كانت المرأة فيما مضى «محتبسة» فيها، لم يعد اليوم مناسباً لها، ولم يعد الرجل، لسوء الحظ، قادراً في الغالب على التكيف مع الطفرة التطورية المذهلة التي يشهدها وضع المرأة، وخاصة خلال عقد التسعينات.
لقد أصبح الرجل المشاهد المنذهل، بل والمنبهر، لهذا التطور السريع والشديد في وضع المرأة. وشيئاً فشيئاً، راح يتساءل كيف يمكنه التآلف مع هكذا تحول. بل وراح يتساءل، وبقلق أحياناً - حول تبدل دوره إزاء المرأة الجديدة. لقد علمته التربية الأساسية التي تلقاها أن الدور الذي يجب أن يلعبه في قلب الثنائي الزوجي هو في الأساس دور «المعيل».
وفجأة، يشعر أن أنظمة القيم التي اندرجت فيه بعمق أخذت، إلى حد ما، تتلاشى، وأخذ يفكر، وبنفس حالة القلق: مع تقدم المرأة نحو المزيد من الاستقلالية، وإذا لم تعد بحاجة إليه «كمعيل»، فهل لا تزال تريده وترغب به؟ في حال نعم، فإلى أي حد؟ وإضافة إلى هذه المحاولات التكيفية، تغير الرجل، من جهته، بعض الشيء، لكنه عملياً بقي هو هو.
لقد غدا الانفصال بين أقران اليوم أسهل منه عند أسلافهم، بحيث يظهرون وكأنهم أقل استعداداً لأخذ الوقت الكافي لتسوية مشاكلهم، ولا يستمرون، بشكل عام، في أية علاقة لا تمنحهم كامل السعادة. وهذا ما يفسر العدد المذهل من حالات الطلاق التي يشهدها زمننا المعاصر. وهوذا أيضاً السبب الذي جعل الكثير من الأقران يعيشون معاً دون زواج(2). من ناحية أخرى، فإن الذين يقررون الزواج، فإنما يفعلون ذلك اليوم عموماً في سن متقدمة. فهم يرغبون بالإنجاب. لكنهم يودون الإفادة من سني شبابهم أو عزوبيتهم أطول مدة ممكنة. تلك هي أهم العوامل التي تفسر ظهور هذه الشريحة من السكان. التي تكبر تدريجياً والمكونة من العازبين وغير المرتبطين.
في التسعينات، تغيرت العلاقات بين الأقران بصورة إيجابية جداً. فالمرأة غير المرتبطة لم تعد تنتظر من يطلب يدها، كما كانت تقريباً حال أمها أو جدتها. ففيما مضى، كان من المعيب أن تبدي المرأة اهتماماً بالرجل. وبالتالي، كانت عاجزة عن الإفصاح عن مشاعرها خوفاً من أن تُنعت بنعوت غير أخلاقية، بل كانت بالأحرى تنتظر أن يبادر الرجل بالخطوات الأولى.
اليوم، تغير وضع المرأة تماماً، بحيث أصبح بإمكانها أن تختار الشريك وتبوح له بمكنوناتها.
وفيما يتعلق بالرجل. فقد حملت التسعينات تغيرات إيجابية أيضاً. فلم يعد يقوم بمسيرة المائة خطوة... لكسب ود المرأة، واستنتاجاً، لم يعد مضطراً إلى اتخاذ مئة خطوة احترازية لمواجهة احتمال رفضه. فمن حقه الآن أن يحظى بالود والمحبة.
ويتوزع الأشخاص غير المرتبطين في هذا العالم إلى ثلاث فئات: فهناك العازبون الذين لم يتزوجوا بعد، ويتمنون أن يحدث ذلك ذات يوم. وأولئك الذين اختاروا عدم الزواج قط، وأخيراً الذين تجددت عزوبيتهم وأعني بهم المنفصلين والمطلقين والأرامل.
والواقع إنه لم يعد يوجد في التسعينات نماذج تحتذى في الحب. فالأقران يسيرون على غير هدى، يجربون، يتعثرون أحياناً، وبالنتيجة تنتابهم مشاعر الخيبة. ولم يعد رجل اليوم يركن إلى تجربة والده ليرشده إلى كيفية التصرف العاطفي مع النساء، لأن ظروف هؤلاء المعيشية تختلف عن ظروف أمهاتهن. كذلك، لم تعد الفتاة تتخذ أمها كنموذج لها، لأنها تعيش حياةً جد مختلفة عن الحياة التي عاشتها أمها. وعليه، فإن ثنائي هذا العصر لم يعد يتماهى بأهله. والواقع إن الطريق التي يسلكها تكاد تكون مناقضة للنماذج الثابتة التي عرفها أهله، بحيث أصبح شبه مستحيل أن يحذو حذوهم في نمط العيش وفي التعامل مع علاقته وإنجاحها. وهذا ما يفسر عدم وجود نماذج تحتذى. ولهذا يصبح من المهم، كي ينجح اليوم في حياته العاطفية، أن يطور الاستراتيجيات العاطفية التي تعطي نتائج مثمرة.
إنما هل يمكن تعلّم الاستراتيجيات العاطفية؟ نعم، هذا ممكن. لكننا لا نتعلمها في البيت، ولا في المدرسة، ولا في الجامعة. لا أحد يتعلم، في أي مكان، كيف يتعرف بحنكة على شخص من الجنس الآخر ولا كيف يبدي به إعجابه. لقد تطورت، في الأزمنة الحاضرة، استراتيجيات هذا الموضوع. وبالتالي، ينبغي اكتشافها في مدرسة الحياة عبر التجربة، وأحياناً عبر أخطائنا وإخفاقاتنا التي غالباً ما تؤدي إلى نتائج سيئة جداً.
هذا الكتاب يقدم لكم العديد من الإيحاءات والتقنيات والنصائح والأساليب التي ستساعدكم حتماً على حسن تسيير الأوليات الخاصة بعلاقاتكم مع الجنس الآخر.
جميعنا نأتي إلى العالم مزودين بالقدرة على التواصل مع الجنس الآخر، كما نولد حاملين مواهب أخرى،كالغناء مثلاً. فماذا نفعل مع موهبتنا الغنائية؟ قد لا نفعل شيئاً ونكتفي بالغناء أثناء الاستحمام، وعلى العكس يمكن متابعة وممارسة وترديد وتدريب الصوت ليصبح الإنسان مغنياً مجلياً، بل ليصبح ربما نجماً. ونحن نتلقى الانتقادات ونرتكب الأخطاء لكن أخطاءنا تتيح لنا أن نتطور نحو الأفضل.