قراءة كتاب نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

نظرية البطل وظاهرة الرأي العام

إنَّ من أصعب الكتابة في علم النفس وجاراته من المعارف هي الكتابة في موضوعين: موضوع المتخلفيّن عقليًا وموضوع المتفوقين عقليًا.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 5
وبما أنَّ لكل نظرية نتائج، وبما أن النظرية صحيحة دائمًا بأبعادها التي ذكرنا فإنَّ نتائج النظرية صحيحة وهي أهل للتطبيق ويمكنها أن تتوالد ذاتيًا أو بالاقتران حتى مع الأضداد أحيانًا لتصبح نظرية أو نظريات جديدة. فإذا أسسّت النظرية محورين (شاقوليًا وأفقيًا) لموضوع ما فإنَّ على المحاور أن تصنع المنحنيات والمنحنيات هي النتائج عينها.
 
لماذا لا تُصبح كل حقيقةٍ نظرية؟ إنَّ ذلك لا يحدث لأنَّ الحقيقة لا تملك الأبعاد التي ذكرنا ولأنها ما إنْ تكتسبها حتى تصبح نظرية. مثالٌ على ذلك: الحق والباطل. الحقُ حقيقة والباطل غير حقيقة، ولكنَّ الحق لا يملك بُعْدَ التطبيق دائمًا حيث يقف عامل الخوف والظلم ورقابة الأقوى وعنف المختلف الاجتماعي وسطوة الحاكم سببًا في صعوبة تطبيقهِ فيفشل في أن يُصبح نظرية.
 
ب ـ البطل: كلمةٌ غامضة، ليس بسبب منها أو فيها إنّما لقُصورٍ في فهم الناس لها. ونظرًا لِما جُبل عليه المجتمع البشري من تقديس خائف جبان لعنصر القوة في الآخر، أصبح مفهوم البطولة حكرًا على صاحب القوة ... قوة الإيذاء .... قوة الهيمنة، قوة الإفناء ... الخ...
 
وحينما احتاج الإنسان إلى كلمات يصف بها كائنًا من البشر بما فيه من قدرة خارج العنف لجأ إلى كلمات أخرى مثل: الريادة والقيادة والقدوة والزعامة والتفرد والكياسة... الخ. على هذا الأساس يُصبح لزامًا علينا إعادة قراءة هذه الكلمة لوضع تعريف صحيح بالبطل.
 
إنَّ أقرب تعريف بهذه الكلمة هو أن البطولة هي الاستعداد المولود أصلًا في الفرد، المُحدّد بقدرة الكينونة في شيء، والتميزّ بهذه الكينونة على نحوٍ يختلف فيه عن المألوف ليمرَّ بالإبداع ولينتهي بنتيجة القدرة على إحداثِ أثر يتحدّى عوامل التعرية المتمثلة بالمكان والزمان وضمور الذاكرة الاجتماعية.
 
إذنْ لكي يظهر البطل يجب أن يتوّفر:
 
1. الاستعداد.
 
2. الاختلاف عن المألوف.
 
3. الثبات على الاختلاف.
 
4. تَحمّل نتائج الاختلاف.
 
5. انعدام النظر إلى مكاسب الاختلاف.
 
6. نُبل القصد من البطولة.
 
7. القدرة على إيجاد نظرية.
 
إنَّ هذه المفردات هي أبعاد كلمة بطل. خُذْ مثلًا نقصان أحدها وانظر ماذا يحدث. تَصّور أنَّ كل الأبعاد موجودة باستثناء (نبل القصد من البطولة). حينذاك يُصبح المجرم بطلًا لأن المجرم لا يحمل النبل ولا نية العمل من أجل النبل وهكذا قس على ما سواه.
 
أنَّ الموضوع لا يُحدّد البطولة. فليس الطبيب بطلًا لأنه طبيب وليس الفلاح غير قادر على أن يكون بطلًا لأنه فلّاح. فالطب والفلاحة والصناعة والموسيقى والرقص والغناء والرسم والشعر والاكتشاف العلمي، مجالات (موضوعات) تجعل المبدع فيها بطلًا بغض النظر عن موضوعها. لكنَّ ما يُنظَرُ إليه اجتماعيًا وما يُحدّده المجتمع في أن يكون هذا بطلًا في مجال ما وذاك ليس بطلًا في مجالٍ آخر فإنه يكمن في قصر نظر المجتمع إلى مفهوم البطولة وأنانيته في تقديم المصالح على المبادئ. أعني أن الناس أسرى حاجاتها والحاجة هي التي تجعل الموضوع الذي يلبيها أو يلبي نداءها سببًا للبطولة.
 
هل يعلم القارئ أن أكبر بطل في التاريخ البشري هو الطفل، وان أعلى درجات البطولة هي الطفولة، وان الأبطال في التاريخ هم الأطفال الكبار، وأعني: الكبار الذين أنضجَ الزمن أجسامهم ولم يستطع أن يُنضج مثابرتهم باتجاه الاسترخاء. والبطل هو إنسان الوتيرة الذي لا يعرف التمفصل الزمني، فليس هناك زمن لليفوعة وزمن للشباب وزمن للعقلنة وزمن للشيخوخة، أنما هناك الميل إلى الإبداع (وفيه الاختلاف).

الصفحات