أنت هنا

قراءة كتاب رقصة التنين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رقصة التنين

رقصة التنين

كتاب " رقصة التنين " ، تأليف مشهور مصطفى ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

- ما يجب أن تعرفه هو أن الإنسان سيبدو عارياً من دونه، ويغدو مفضوحاً، ويصبح صفحة مكشوفة وكتاباً مفتوحاً يُقرأ بسهولة ويسر حتى من قبل الأميّين من الناس، إنه لسان حالي، إنه القوة التي تشد رجلي إلى أرض صلبة من جهة، و ..

- (مقاطعاً) ومن جهة أخرى عنوان ورمز للجاسوسية..

- بل للكتمان والسرية، قل .. إنه العلاقة ما بين الذات والذات ما بيني وبين ذاتي، وما بين الذات والإله، إنه بمحاذاة أو موازاة الشرف والكرامة المتبقين، بل قل إنه هما دون زيادة ولا نقصان، ومن يبيعه، فكأنه يتخلى عن سلاحه الأخير.

- إن للضرورة أحكاماً.. والغاية تبرر الوسيلة.

- دعك من شريعة ماكيافللي الآن. وقد يأتي الوقت المناسب لذلك، إن الانهيارات العامة التي قد تُتْلف البعض بل الكثرة الكاثرة من الناس، تُضطرهم لاستخدامه أو لبيعه، كون ضمائرهم المتصلة والمنفصلة، لم تعد كافية، ولا تفي بالغرض.. إنني لا أريد أن أضع العربة أمام الحصان.

- لكن، اسمع يا صاحبي، قال الضمير المتصل، عندما تقدم على بيعي أنا، سوف تضطر سريعاً لبيع ضميرك المنفصل، ويلحق به ضميرك المستتر الذي تدافع عنه بانفعال.. نصيتحي لك أن تعدل عن المشروع أي عن فكرة البيع من أساسها.

- لا.. لن أغيّر فكرتي أو أتراجع عما صممت عليه، ولن أبيع ضميري المستتر، ولسوف أبيعك أنت أولاً، بأن أطرحك هكذا في المزاد العلني.. وبعد ذلك، في حال الاضطرار سأقدم على بيع ضميري المنفصل فقط.

- طيّب، لنعد إلى ضميرك المنفصل مرة أخرى، يبدو أنك لا تنسجم معه بحكم طبعك الاجتماعي، وحبّك للآخرين، واندفاعك وحيويتك، وهو لطالما عنى لك الجشع والنرجسية وحب التملّك.

- بل الإكتفاء.. ثم أرجوك كفّ عن مساومتي على ضميري المنفصل.

- الاكتفاء؟ وإذا لم تكتفِ؟ ماذا بوسعك فعله بعد ذلك؟ فكما ترى، فإنه لا ضرورة لوجود مثل هذا الضمير لدى بعض الناس، فهو إذا لم يعنِ بالنسبة إليهم الاكتفاء والجشع وحب الذات والامتلاك يبيعونه دون تردد أو شعور بالندم، ودون أن يرف لهم جفن، ثم هم إذا لم يكتفوا بذلك، باعوا ضميرهم المستتر أيضاً..

- اغرب عن وجهي، هيّا.. (زعق بغضب) لا تحاول إقناعي أيها الممالق، ألم تقتنع بعد بأن بيع الضمير المستتر هو بيع للجسد والعقل والكرامة والمخزون الفكري والنفسي؟ هيا.. اغرب عن وجهي، قبّح الله وجهك.

- وأنا؟ أليس لي قيمة لديك؟ (قالها وقد اغرورقت عيناه بالدموع)، ألم أعد أساوي شيئاً؟! على كل حال لقد سلّمت أمري لله. ولكنني أحذّرك، من أنك ستصل إلى الحال التي تحاذر عليها وتحذر منها.

- بيع ضميري المستتر تقصد؟؟

- أجل، بيع الجسد والعقل والكرامة كما تقول، فيما أنا والمنفصل لا نعني لك شيئاً من كل هذا.

- أنا لم أقل هذا.. لكن ساعدني في إيجاد الحل المناسب.

- الحل.. أن تبدأ بالمستتر أو لا تبيع ضمائرك أبداً.

- إنك بذلك تعمِّق مأزقي وتزيد من حيرتي في ثرثرتك التي لا لزوم لها، وكأنك امرأة قد طلقها للتوّ زوجها، أو كقاضي معزول.

- بل قل، قد طلّقها زوجها لكثرة ثرثرتها.

- ها.. ها.. لقد قلتها وبفمك الملآن: الثرثرة.. لقد جنيت على نفسك يا ضميري المتصل، إنك تثرثر كثيراً لقد ضاق صدري بك، وأصاب رأسي الصداع، لكثرة هذه الثرثرة التي لا تنتهي،

- أبداً، إني لا أثرثر، إننا نتناقش، لنرى أين هي مصلحتك في بيعنا، أَوَ تسمي الجدال والنقاش ثرثرة؟

- بل، إنك أنت، الذي تبحث عن مصلحتك،

- مصلحتنا معاً نحن الاثنين..

- والحل؟

- الحل؟.. كما قلت لك.. تبدأ بالمستتر، لأنك سوف تضطر إلى بيعه في حال بعتني أنا أولاً أو بعت الضمير المنفصل.

- في حال أقدمت على بيع المستتر ثم المنفصل، فإنك لن تنفعني في شيء بعدها.. لقد صممت على بيعك ولا نقاش.

- لكن.. لماذا؟.. لماذا؟

- إني مضطر لذلك يا ضميري المتصل.. يا عزيزي.

- ولوووو... تبيعني أنا؟ أليس عندك ضمير؟

- بلى!.. أنت..

واعترى ضميره المتصل حزن شديد، ثم ما لبث أن أجهش بالبكاء، عندها تذكّر معروف الشاعر امرأ القيس فأنشد معه بتصرف ودون تكلف:

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه

وأيقن أنا لا نُباع بقيصرا

فقلت له لا تبك عينك إنما

نحاول خبزاً أو نموت فنعذرا

***

كفكف معروف دموع ضميره المتصل قائلاً له بهدوء: هيا قم فنم، نم هيئ نفسك، صباحاً، فغداً سنذهب سوياً إلى السوق، وأمامنا يوم طويل وشاق.

- حسناً، أجابه بانكسار واستسلام، غداً صباحاً سأكون جاهزاً، سوف أتناول حمّامي الساخن كالعادة، وارتدي بذلتي، بالمناسبة (مستدركاً)، أي بذلة تريدني أن أرتدي غداً؟ السوداء التي أرتديها عادة في مناسبات العزاء أم الزيتية في مناسبات الأفراح؟ أم الكحلية التي أرتديها في كل مرة أذهب فيها لمقابلة عشيقاتي أقصد عشيقاتك؟ دون علم زوجتك.

- إخرس!..

- (متابعاً دون اكتراث) ثم وضعت يومها العطر الباريسي، فأي عطر تريدني أن أضع؟ باكورابان، أو بوس، أو اكوا دي سيلفي، أم اكوا برا؟ا أو Viril ، أو أراميس أم.. أم تريد نفس العطر الذي وضعته يومها؟.. أم..

- إخرس، قلت لك (ثم صفعه بكل قوته على وجهه)، إنك تسعى لفضحي هذه المرة كما في كل مرة.

- (مجهشاً بالبكاء من جديد أجاب) وهل فضيحتك هي بأن تعرف زوجتك أو يعرف مريدوك ومحيطك ماذا كنت تفعل؟ أم فضيحتك الكبرى هي في بيعي وطرحي في المزاد؟

- انتهى النقاش الآن، اذهب ونم بضع ساعات، فإن غداً ليوم طويل.

- بل قل: إن غداً لناظره قريب، تصبح على خير، قالها بصوت خافت، ودلف إلى غرفته ليندس في فراشه البارد.

***

الصفحات