أنت هنا

قراءة كتاب عين الجوزة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
عين الجوزة

عين الجوزة

كتاب " عين الجوزة " ، تأليف د. إبراهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3

ردّ كرار:

ـ أنا ما جابني إلا كل شديد قوي.

ـ خير... خبرني!

اعتدل كرار في جلسته وقال:

ـ حصل معي أمر خطير، وخرجت من الضيعة، وأنا لا أعرف إلى أين أتجه، ولم أجد نفسي إلا وأنا متجهٌ إليك...

قاطعه عبّاس:

ـ خير.. شو في خبرني.. قلقتني!

رد كرار:

ـ أنا قتلت جنديين فرنسيين كانا يحاولان الاعتداء على زوجتي...

وتابع:

ـ يا عباس، الأمر خطير، فلا شكّ أنّ العسكر الفرنساوي سيلاحقني وسيعرف مكاني، وأنا لا أريد أن أحمّلك فوق طاقتك، وإذا ما بتقدر تستقبلني أغادر الليلة...

قاطعه عباس بصوت فيه من العنفوان الشيء الكثير:

ـ إنت الآن أصبحت في حمايتي، والصباح رباح.

ارتاح كرار إلى كلام صديقه، ونام ليلته، ومع الفجراستيقظ عباس على قرع بابه، فقام متثاقلاً، واتجه إلى الباب، وفتحه، وهو يقول:

ـ يا فتّاح يا عليم، يا رزّاق يا كريم.

وجد شاباً واقفاً أمام الباب فسارع إلى سؤاله:

ـ خير شو في على هالصبح!

ـ أنا نمرالصوّان نسيب كرار.

ـ يا هلا... تفضّل نسيبك في الداخل.

دخل نمر وجلس بالقرب من فرشة كرار، وأخذ يهزّه من كتفه، وهو يقول:

ـ يا كرار، استفق..

وتابع هزّه، وهو يمازحه:

ـ شوباك خربت الضيعة وجيت تنام هون.. قوم.

استيقظ كرار وفتح عينيه فوجد زوج شقيقته نمر فوق رأسه، فهبّ واقفاً وهو يقول:

ـ خير.. خير ليش إنت هون!

ـ اشتبكت مع الفرنسيين عندما هاجموا الضيعة، ولاشك أنهم في طريقهم إلى هنا..

ولم ينتصف النهار حتى كان الفرنسيون يطوقون منزل عبّاس، ويقرع الضابط الفرنسي الباب قائلاً:

ـ عليك تسليم الرجلين اللذين يختبئان عندك.

ـ وإذا رفضت تسليم ضيوفي...؟

ـ سنستلمهم بالقوة...

قاوم عباس الفرنسيين، ومالبث حمزة أن علم بالأمر، فهبّ إلى مساعدة صديقه، وانطلق إلى بيته مع مجموعة من أصدقائه، ودار اشتباك عنيف مع الجنود الفرنسيين الذين وجدوا أنفسهم مطوقين بين بيت عبّاس الذي يطلق النّار عليهم، والزقاق المؤدي إلى البيت والذي أقفله عليهم حمزة، وانهمرعليهم الرصاص من الجانبين، وعندما قُتل من الفرنسيين جنديان، طلبوا الانسحاب من الضيعة بعد أن علموا أن لا أمل لهم بتنفيذ مهمتهم، وأنهم لن يتمكنوا من الصمود الوقت المطلوب لوصول النجدة إليهم، خصوصاً وأنّهم لم يتوقعوا هذه المقاومة العنيفة، لأن عديد الدوريّة ونوعيّة أسلحتها لم يمكنا الجنود من تفادي وقوع الخسائر في صفوفهم، غير أن رجال الضيعة اشترطوا على الفرنسيين الانسحاب من دون أسلحتهم، فوافقوا على هذا الشرط مرغمين؛ ولأنهم أدركوا أن معركتهم خاسرة لامحالة، أصبح هدف الجنود الخروج من المعركة أحياء...

غنم عباس والذين معه أسلحة الدورية وأحصنتها، وبعد انتهاء المعركة بدأ توافد وجهاء الضيعة إلى بيت عباس، وكان على رأسهم المختار الحاج عبّود الغزوان الذي بدأ الحديث مع عبّاس بقوله:

ـ إسمع يا عبّاس، الضيعة كلّها ما راح تقدر على الجيش الفرنساوي، وهذا الجيش أكيد ما راح يسكت على الذي جرى اليوم، وأكيد الليلة، وعلى أبعد تقدير بكرا الصبح راح يشن علينا حملة كبيرة، وممكن يدمر الضيعة على أهلها...

أجابه عبّاس:

ـ يا مختار، شو رأيك لازم نعمل؟

ـ رأيي لازم نجنّب الضيعة غضب الجيش الفرنسي...

رد عليه حمزة:

ـ خبرنا يا مختار، خبرنا من دون لف ودوران شو بدّك نعمل.. قلنا اقتراحك مباشرة...

ردّ المختار قائلاً:

ـ ياحمزة، أنا اقتراحي أن كل من شارك بالمعركة ضدّ الفرنسيين يجب أن يغادر الضيعة، وأذهب أنا مع وفد الأهالي إلى مقرّ القيادة الفرنسيّة، ونبلّغهم: أن أهل الضيعة أخرجوا من قام بهذا العمل من ضيعتهم، وهم ليس لهم أيّة علاقة بالذي حدث...

حصل هرج ومرج بين المجتمعين قبل أن ينهي المختار كلامه، واحتدم النقاش والجدال بين موافق ورافض لكلام المختار، وكان الشبّان من أشد المتحمسين لحمل السلاح من أجل مواجهة الفرنسيين، ومنعهم من دخول الضيعة، وفي المقابل كان الرجال والشيوخ يحاولون منع المواجهة عن « عين الجوزة»، وتدخل عبّاس لفضّ النزاع بين الطرفين فقال:

ـ أنا ما عندي مانع أن أغادر الضيعة مع ضيوفي، وصديقي حمزة، ومن يريد أن يغادر معنا، ولكن من سيحمي الضيعة إذا غادر شبّانها ورجالها..

طلب كرار الكلام:

ـ أنا آسف جداً إني سببت لكم مشكلة مع الفرنسيين، وأنا ونمر سنغادر الليلة الضيعة، ولكن صدقوني الواقعة قد وقعت، والفرنسيون لن يسكتوا عن خسائرهم، ومثل ما قال المختار إذا مش الليلة على أبعد تقدير بكرا مع الفجر يكون الجيش الفرنسي قد اقتحم الضيعة، وإذا دخلوا سينتقمون من الأهالي لأنه لن يكون هناك من يردعهم...

قاطعه عباس:

الصفحات