كتاب " جيل دولوز - سياسات الرغبة " ، تأليف د. أحمد عبد الحليم عطية ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2011 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب جيل دولوز - سياسات الرغبة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

جيل دولوز - سياسات الرغبة
جيل دولوز فى العربية
أ.د. أحمد عبد الحليم عطية
تكمن القوة الكبيرة في فكر دولوز في العودة إلى الحدث، والتى شدد عليها فوكو. كما كتب محمد ميلاد، فقد استرجع الحدث قوته الخاصة أخيراً وانتزع من الفلسفة الوضعية المحدثة، من الفينومينولوجيا، من فلسفة التاريخ، من كمال العالم، من الأنا، من الله. يرسم الحدث الفكر ويتخلص من الجدلية والنفي والتناقض فيصبح إيجابية، كثافة، خط كسر وحياة. إنه جسدي وغير مسمى، حاضر وفريد في الوقت نفسه. فمن ألف سطح، 1980 حتى الطية - لايبنتز والباروكي، 1988، مروراً بباكون والسينما وفوكو، تدفع رؤية دولوز - التى طالما كانت خاضعة لنوع من المخيال المنطقي: الاختلاف والإعادة، 1968، منطق المعنى، 1973، أو الاجتماعي-السياسي أوديب مضاداً، 1972 - تدفع الأشياء إلى ما هو أبعد، وقد توصلت بذلك إلى إحداث أمرٍ عجيبٍ؛ أي فلسفة لا تترك أي مكان للنقصان وهي في الوقت نفسه وصف حقيقي للعالم.
وفلسفته عند فتحي التريكي رحيلة وشريدة لا تعترف بموطن خاص ولا بمقر محدد، فيها تتحرر الأفكار والخيالات الهائمة والرغبات والإبداعات وتتفجر التعابير الإنسانية المختلفة والتجارب الجمالية والممارسات الخطابية.
وعندما يقول فلسفة شريدة فهو يؤكد ضياع مركزية الذات مثلاً، تلك التى قد جعلت منها الفلسفة الكلاسيكية محور الوجود والفكر. فدولوز لا يعتبرها مصدر الأفكار والقرارات والأعمال بل يرى أنها تدخل ضمن تعددية التمظهر ولا تكون وحدتها إلّا في صيرورتها من حيث هي ذات في ذات الإقبال المتصلة بالممارسات.
وقد كتب ويليام إ. كونولي "جيل دولوز الفيلسوف العرّاف" يقول: "في سياق التفكير السياسي الإنكلو-أميركي، غالباً ما يمجد جيل دولوز أو يدان كفيلسوف جريء للتحول الذي يفاجىء بظهوره وسط الأشياء. وهذه القراءة ليست خاطئة، لكنها تهمل أو تقلل من أهمية دولوز كصورة حديثة للعرّاف، الذى يلحّ باستمرار وببعد نظر، على لحظات التقاطع، والذي يحاول الإحاطة بالإمكانات الخطيرة أو الإيجابية لما يلمع في أفق الماضي أو المستقبل، ويشكل كذلك اليقين الموضوعي للحظة. فلدينا المفكر كعرّاف، والفيلسوف كمناضل: هذه المهام مرتبطة فيما بينها بالرغم من كونها، أيضاً، في توتر متبادل".
وسنشير بإيجاز في هذا التقديم إلى صورة دولوز في الفكر العربي المعاصر. الفيلسوف الفرنسي المعاصر الذي لم يحظَ بما يليق بجهوده من اهتمام المفكرين والمثقفين العرب إلّا في السنتين الأخيرتين حيث زادت الدراسات حول عمله.
فما هي صورة دولوز في الثقافة العربية؟ ماذا عرف العرب من أعماله، وما ترجم منها إلى العربية وما لم يترجم؟ وفي أي سياق ترجمت أعماله إلى العربية وكيف قدمت؟ وهل ما عرف عنه يعطي صورة واضحة لجهوده الفلسفية؟ ولماذا لم يحقق مثل زملائه ميشيل فوكو وجاك دريدا من فلاسفة ما بعد الحداثة حضوراً على الساحة الدولية والعربية؟ ثم لماذا علينا أن نهتم بهذا الفيلسوف ونحتفي بتداول أعماله ذات الأهمية الفلسفية المتميزة؟.
ربما لا نستطيع هنا في هذه الإشارة الوجيزة، إعطاء صورة كاملة عن حضوره في الفكر العربي المعاصر، لكنها على الأقل تحدد الملامح العامة لهذا الحضور. سنعرض، أولاً، لأعماله المترجمة إلى اللغة العربية سواءً أكانت كتباً أو مقالات أو فصولاً في كتب، ثم ما ترجم من دراسات كتبت عنه أو حوارات أجريت معه مترجمة من اللغات الأوروبية، ثم العروض التي كتبت حوله والمواد التي دونت في المعاجم أو القواميس العربية ثم الدراسات العربية حول فلسفته.