كتاب " سنونوات كابول " ، تأليف ياسمينة خضرا ترجمه إلى العربية محمد ساري ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2007 ، ومما جاء في مقدمة الكتا
أنت هنا
قراءة كتاب سنونوات كابول
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- ماذا تغيّر اليوم يا عتيق؟ لا شيء، لا شيء إطلاقاً. إنها الأسلحة نفسها التي تنتقل بين الأشخاص، والوجوه نفسها التي تعرَض، والكلاب نفسها التي تنبح والقوافل نفسها التي تمرّ. لقد عشنا دائماً بهذه الطريقة. ذهب الملك، عوّضته معبودات أخرى. صحيح أن الشعارات قد تغيّرت، ولكنها تطالب بالتعسّفات نفسها. لا ينبغي أن ننخدع. تبقى الذهنيات هي نفسها التي سادت منذ قرون. إن الذين ينتظرون انبثاق عهد جديد في الأفق يضيعون وقتهم. فمنذ أن خلقت الدنيا، يوجد دائماً أولئك الذين يعيشونها كما هي، وأولئك الذين يرفضون قبولها. طبعاً، إن الحكيم هو ذاك الذي يأخذ الأمور كما تأتيه. إنه يفهمها على حقيقتها. وأنت أيضاً، ينبغي عليك أن تفهم. أنت قلق لأنك لا تعرف ماذا تريد بالضبط، هذا كل ما في الأمر. والأصدقاء يوجدون لمساعدتك على إيضاح الرؤية. إذا كنت لا زلت تعتقد بأنني صديقك، حدثني عن مشكلتك، لعلني أستطيع تقديم يد العون.
تنفس عتيق تنفساً عميقاً. سحب معصمه من يد مرزا، بحث بداخل عينيه عن سند ما؛ وبعد تردّد قصير، استسلم:
- إن زوجتي مريضة. قال لي الطبيب بأن دمها يتحلّل بسرعة، وبأن مرضها لا علاج له.
بقي مرزا حائراً لفكرة أن يذهب رجل إلى حدّ الحديث عن زوجته في الشارع، ثمّ، لمس لحيته المصبوغة بالحناء، هزّ رأسه وقال:
- أليست هذه إرادة الله؟
- ومن تسوّل له نفسه بالوقوف ضد إرادة الله، يا مرزا؟ لست من هؤلاء، على كل حال. أرضى بقدري رضاءً تاماً، وبخشوع كلي، غير أنني وحيد وحائر. ليس لديّ أحد يساعدني.
- ولكن المسألة بسيطة: طلّقها.
ردّ عتيق بسذاجة، ولم يلاحظ الازدراء المتنامي الذي استولى على وجه صديقه، المنزعج فعلاً من الإطالة في موضوع يراه لا يستحق كل هذا الانشغال:
- لم تعد لها عائلة. توفى والداها، ذهب إخوتها، كل إلى وجهة غير معروفة. ثمّ، لا يمكنني رميها هكذا، غير معقول.
- ولِمَ لا؟
- لا تنسَ بأنها أنقذت حياتي.
اندفع مرزا بجسمه إلى الوراء، كأنه فوجئ بغتة بذريعة الحارس. مطّ شفتيه، مال بوجهه على كتف بحيث يمكنه مراقبة محدثيه بطريقة غير مباشرة. صاح:
- ترّهات... الله وحده يحي ويميت. جُرحت وأنت تجاهد في سبيل الله. بما أنه لا يمكن أن يبعث لك الملك جبريل، وضع هذه المرأة في طريقك. لقد عالجتك بإرادة الله. لم تفعل إلا ما كتبه الله لها. وأنت فعلت من أجلها أضعاف ما فعلَتْه لك: إنك اتخذتها زوجة لك. ماذا يمكنها أن تنتظر من الحياة أكثر مما فعلته لها، هي التي تكبرك بثلاث سنوات، وكانت في ذلك العهد عانساً بلا حماس ولا جمال؟ هل يوجد سخاء أكبر بالنسبة لامرأة تمنح لها سقفاً، حماية، شرفاً واسماً؟ لست مديناً لها بشيء. بالعكس، هي التي ينبغي أن تنحني أمام نبلك، يا عتيق، أن تقبّل أصابع قدميك كلما نزعت نعليك. إنها لا تمثل شيئاً ذا قيمة خارج ما تمثله أنت بالنسبة إليها. ليست سوى مرؤوسة. زيادة على أنه لا ينبغي لرجل أن يكون مديناً لامرأة في أي شيء. إن شقاء البشر آت من سوء التفاهم هذا بالذات.
فجأة، قطّب حاجبيه:
- هل جُننت إلى حدّ أصبحت تحبها؟


