كتاب " آراء ودراسات حول كتاب عمان الديمقراطية الإسلامية " ، تأليف د. حسين غباش ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب آراء ودراسات حول كتاب عمان الديمقراطية الإسلامية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
آراء ودراسات حول كتاب عمان الديمقراطية الإسلامية
بمثابة مقدمة
بقلم أحمد الفلاحي (1)
قليلة هي الكتب التي تستحق أن توصف بأنها عظيمة وبين هذه الكتب دون ريب، كتاب إدوارد سعيد «الثقافة والإمبريالية». هكذا كتب الدكتور كمال أبو ديب مقدماً لهذا الكتاب المهمّ الذي ترجمه إلى قراء العربية.
هذا الكتاب الذي أثار كتَّاب الغرب وصحافته الكبرى بالإيجاب والسلب عندما صدر أول مرة في نيويورك قبل عدة سنوات، ولسنا هنا بصدد الحديث عن هذا الكتاب، وقد تحدث عنه الكثيرون منذ ظهور ترجمته العربية، وتناولته معظم الصحف العربية المعتبرة وما تزال أصداؤه تظهر حتى اليوم بين حين وآخر عند هذا الكاتب أو ذاك.
نريد فقط استعارة ذلك الوصف الذي وصف به الدكتور كمال أبو ديب كتاب «الثقافة والامبريالية» بأنه من الكتب القليلة العظيمة على مستوى العالم، لنصف به كتاباً نراه من الأهمية بمكان في مكتبتنا العربية وجديراً بأن يوصف بمثل هذا الوصف.
أظن أن وصفاً كهذا ينطبق بصورة أو بأخرى على كتاب الدكتور حسين عبيد غانم غباش «عمان.. الديمقراطية الإسلامية» ولو على صعيد مختلف وفي سياق آخر. فهو كتاب حسب زعمي وتصوري، من بين أهم الكتب التي تحدثت وتناولت تاريخنا العماني الحديث إن لم يكن أهمها مطلقاً. وبطبعي لا أحب المطلقات وعموم صيغ التفضيل. أقول هذا وأنا أدعي أنني قرأت واطلعت على أغلب ما كتب في هذا الشأن.
كتاب «عمان.. الديمقراطية الإسلامية» ليس كثيراً عليه في نظري، أن يدخل في ذلك التوصيف الدقيق المعبّر عن حقيقة الكتب أبلغ التعبير. (قليلة هي الكتب التي تستحق أن توصف بأنها عظيمة)، هكذا رأى الدكتور أبو ديب وهو العلَّامة الحُجّة الخبير بأمور الكتب ونوعياتها.
وكتاب الدكتور غباش يستحق بدون مبالغة أن يكون ضمن تلك الكتب القليلة العظيمة، وفق رؤيتي على الأقل. كتاب هو ليس لعُمان ولا للعُمانيين ولكنه للعرب وللعالم الإسلامي كله. يقدم لهم ما جهلوه وتوارى أمره عنهم تجربة ضخمة فريدة لا مثيل لها في تاريخ المسلمين على شموله واتساعه.
إنها تجربة المدرسة الإباضية تلك التي استطاعت أن تخرج للناس نظرية مثالية قابلة للتطبيق وقد جرب. تطبيقها في الحكم وفي العمل الديمقراطي صيغة عجيبة لم يعرف أمرها لدى جمهور الأمة المسلمة فغابت فائدتها، وقد جاء هذا الكتاب يجلوها ويستخرجها من مصادرها الموثوقة ومظانها المخبوءة، ويدعو المسلمين كل المسلمين إلى الالتفات إليها والنظر فيها، فهي من المفاخر الفكرية الكبرى التي أنتجتها عبقرية الإسلام، والتي ينبغي لكل مسلم أياً كان مذهبه وأين كان موقعه أن يفاخر بها ويعتز.
تجربة مهمة غيبتها التعصّبات المذهبية في أحوال قليلة وعدم معرفة الناس بها في أكثر الأحوال. آن الأوان ونحن في عصورنا هذه، أن ننتبه لها وأن نقف معها متحررين من عقد الماضي وإشكالاته، ناظرين إليها كجزء من تراثنا الإسلامي العام الذي لا بد لنا من أن نلوذ به، وأن نستخرج من إيجابياته ما يساعدنا على مواجهة تلك التيارات العاصفة، التي تهبّ علينا من كل صوب كي نحافظ على ملامح خصوصيتنا من أن تقتلعها تلك العواصف المدمرة.
ففي تراثنا الكثير من الجوانب المضيئة التي يمكن الاستقاء منها وتطويعها لتتلاءم مع ظروف العصر وأحواله. وباحثنا في دراسته العلمية الدقيقة المتشربة روح التراث والمعدة وفق أحدث نظريات البحث العلمي، يرى أن مثل هذه التجارب الرائدة في تاريخنا، يجب إظهارها وتسليط الأضواء عليها والاستفادة منها في أحوالنا المعاصرة اليوم، ليس بالتطبيق الحرفي لها واستدعاء الماضي ليتسيَّد حياتنا، فذلك من الأمور المستحيلة وغير الممكنة لأن لكل زمان ظروفه، وإنما باستخلاص ما فيها من خصائص وإيجابيات يمكن الأخذ في عمومها وتطوير فلسفتها ومنهجها بما يتلاءم وأحوالنا وظروفنا اليوم، نتأمل خطوطها ومفاهيمها العامة ونستوحي من مقاصدها ما قد يفيد في أمور حياتنا، ويساعد على سعينا لإيجاد صيغة مناسبة نستطيع بها دخول العصر والتفاعل معه دون الانفلات من هويتنا، نفيد العالم بما لدينا من هذا الموروث المتراكم وهذه التجارب التي تبلورت وتشكلت عبر قرون كثيرة نظرياً وتطبيقياً، ونستفيد مما لديه مما جاءت به المدنيَّة الحديثة والحضارة المعاصرة من قيم وأفكار.