أنت هنا

قراءة كتاب الأبواب المائة للشرق الاوسط

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأبواب المائة للشرق الاوسط

الأبواب المائة للشرق الاوسط

كتاب " الأبواب المائة للشرق الأوسط " ، تأليف آلان غريش / دومينيك فيدال ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ووما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مقدمة

من حرب خليج الى أخرى

انعطاف في الشرق الأدنى. فقد توطد نفوذ التيارات الدينية في العالم العربي بالانتصار الساحق لحماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 25 كانون الثاني/يناير 2006، بعد حصول الاخوان المسلمين، رغم التزوير، على العديد من المقاعد في البرلمان المصري في تشرين الثاني/نوفمبر 2005، ونجاح لوائح الاسلاميين في العراق في 15 كانون الأول/ديسمبر. ويعكس ذلك، بصورة خاصة، رغبة عميقة في تغيير المعتقدات، ويشير، في آن، الى تناقضات الستراتيجية الأميركية، في هذه المنطقة من العالم. فممن غير الممكن، عملياً، فهم تقدم الاسلاميين دون الرجوع الى تطورات سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأدنى والخليج منذ نهاية الحرب الباردة.

لقد أطلق رئيس الولايات المتحدة، جورج بوش الأب، في 17 كانون الثاني/يناير 1990، إشارة حرب الخليج الأولى، التي بدأت بموجة قصف غير مسبوق العنف، على العراق. واطلق ابنه، بعد 12 سنة في 18 آذار/مارس 2003 قوة من 150 ألف جندي لاسقاط نظام بغداد، كان كلاهما يتطلعان بصورة عامة، الى هدف واحد: تثبيت زعامة الولايات المتحدة في العالم، وفرض سيطرتها على الشرق الأدنى، وحماية مصالحها النفطية، وتلقين العراق درساً يتّعظ به كل من تسول له نفسه تحدي واشنطن. ورغم أن سيناريو 2002 ـ 2003 يشبه، في جوانب منه، سيناريو 1990 ـ 1991 فأن فوارق كبرى تميز بينهما.

الفارق الأول: ذريعة الحرب. في آب/أغسطس 1990 أمر صدام حسين جيشه باحتلال الكويت، ووضع حد لوجود دولة سيدة عضوة في الأمم المتحدة. أما في عام 2003 فقد اتهمته واشنطن بأنه تابع تصنيع أسلحة دمار شامل (نووية، وكيميائية، وجرثومية)، الأمر الذي لم يجد له أثراً خبراء الأمم المتحدة، خلافاً للمخزون الكوري الشمالي.

الفارق الثاني: الهدف المعلن. قبل اثنتي عشرة سنة كان الهدف تحرير الكويت، وليس اسقاط النظام العراقي. ألم تبق القوات الأميركية، منكسة سلاحها بعد انتهاء النزاع في وقت كان الحرس الجمهوري يُغرق، بالدم، الانتفاضة التي كان رئيس الولايات المتحدة، بالذات، قد دعا الشعب العراقي الى القيام بها؟ وفي عام 2003 فإن جورج بوش الابن وزمرة «الصقور» المحيطة، به كانوا يعلنون، بوضوح، إرادتهما في اسقاط سلطة من كان حليفهما على امتداد الحرب الايرانية-العراقية، وقاما بتغطية استخدامه الغاز السام ضد الأكراد في حلبجة، في آذار/ مارس 1988، وشنا في سبيل ذلك حملة دعاية كاذبة متهمين الايرانيين بهذه الجريمة. ألم يكن دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الحالي وراء اعادة العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وبغداد في كانون الأول/ديسمبر 1983؟ لقد وضعت الادارة الأميركية، في حرب العراق حجر الأساس لإعادة تموضعها، في الشرقين الأدنى والأوسط، في اطار مشبع بأيديولوجية المحافظين الجدد.

الفارق الثالث: الدول المشاركة في العملية. لقد توصلت الولايات المتحدة، على امتداد خريف عام 1990، وعلى أساس قرارات الأمم المتحدة، الى اقامة تحالف واسع. فقد تم ارسال قوات من خمس وعشرين دولة، من فرنسا الى بريطانيا، ومن دول عربية عديدة، أيضاً، مثل العربية السعودية، ومصر، والامارات العربية المتحدة وسوريا. أما في عام 2003 فما من حكومة في المنطقة، قبلت المشاركة، مباشرة في النزاع، (وإن وضع البعض قواعده بتصرف واشنطن). أما من الجانب الغربي فقد وجد جورج بوش الابن دعماً لسياسته من خمسة رؤساء حكومات من «أوروبا القديمة» وثلاثة من «الجديدة»، في حين أعربت باريس وبرلين عن رفضهما الحاسم، وحشدتا حولهما عدة دول بينها الصين وروسيا.

والتحول الأكثر عمقاً حصل في الرأي العام الغربي. فبعد مرحلة تردد، قبِل هذا الرأي العام، منذ نهاية عام 1990، مقولة فرنسوا ميتران «السلاح يتكلم»، في حين عجزت الخطب الحربية، عام 2003، عن التغلب على الرفض الشعبي: ففي معظم بلدان الاتحاد الأوروبي (كما في بلدان العالم الثالث)، بما في ذلك في بريطانيا، كان رافضو الحرب يشكلون ثلاثة أرباع المستطلعين. وأتخذ رفض سياسة البيت الأبيض طابع موجة «عداء لأميركا»، بعد سنة ونصف على التفجيرات الفظيعة في 11 أيلول/سبتمبر 2001 ـ من كوريا الجنوبية الى ألمانيا ـ فهل كان يعقل، بعد ذلك، أن يردد أحد القول «كلنا أميركيون». لن يفعل ذلك بالتأكيد، ملايين المتظاهرين الذين خرجوا يوم 15 شباط/ فبراير في أكثر من 600 مدينة في القارات الخمس، في أول تظاهرة ذات طابع معولم في التاريخ.

وتغير أخيراً، الأفق الذي تندرج فيه الأحداث. لم يعد أحد يشك، بالطبع، خلال النزاع الأول، بإرادة الولايات المتحدة تثبيت زعامتها عند الخروج من الحرب الباردة فقد قال جيمس بيكر وزير الخارجية، حينذاك: «على أميركا أن تقود وعلى شعبنا أن يتفهم ذلك» (1). رغم أن البعض اعتبر بـ «النظام الدولي الجديد» دعوة الى ادارة متعددة القطب للعالم تأخذ في حسابها مصالح الجنوب والشرق. وكان هذا البعض ما يزال يأخذ في اعتباره موقع الاتحاد السوفياتي الذي انهزم تاريخياً، ولم يكن قد اختفى. وعزز زمن هذا التفاؤل لبعض الوقت، وصول بيل كلينتون الى الرئاسة الأميركية، وكان أكثر حساسية، إزاء التعددية القطبية، وقد بدا مؤتمر مدريد، في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 1991، أنه يسير في هذا الاتجاه. وحسب القول المأثور «لا تكرهوا شراً لعله خير لكم» كان ثمة احتمال أن ينفتح على آفاق سلام في الشرق الأدنى. أما في عام 2003 فلم يكن سوى المتفائلين الذين لا رجاء في اعادتهم الى الرشد، بإمكانهم أن يتوقعوا من حرب الخليج الثانية، تقدماً حقيقياً في إدارة شؤون كوكبنا، وشؤون الشرق الأدنى بخاصة، لأن الآمال التي ولدتها الحرب الأولى قد خيّبت جميعها. قيادة تعددية للعالم؟ كتب بول ماري غرس(2)، «فيما هو أبعد من نشوة الانتصار والمحافظة الظافرة لا نعيش دائماً ما ولده التاريخ حديثاً: قيام دولة كبيرة الجبروت وحيدة لا مساوٍ لها، على امتداد الأرض». لقد بسطت الولايات المتحدة، بالتدريج، سيطرتها على الشؤون الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والأيديولوجية الثقافية، منذ بيرل هاربر حتى انهيار الاتحاد السوفياتي. وقد أشار هوبير فدرين وزير خارجية فرنسا (3) آنذاك، الى أن الدولة الأعظم تحمل في داخلها «شهوة الأحادية، وجموح التسلط عندما تفقد قوة توازنها».

الصفحات