قراءة كتاب محمد الصدر - كفاح الجماهير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
محمد الصدر - كفاح الجماهير

محمد الصدر - كفاح الجماهير

كتاب " محمد الصدر - كفاح الجماهير " ، تأليف عبد اللطيف الحرز ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 4

ثم أليس هذا إضعافاً وتهميشاً لجبهات النقد والمعارضة والتي بدونها لا يمكن ضبط الأداء الحكومي وصيانته من الانزلاق في الفساد والاستبداد؟!

يجب أن نكون واضحين هنا برفض أي حالة عنف، عنف حزب على الناس أو على المنشآت الخاصة أو العامة، عنف حزب على حزب أو حزب على الأمن العام. لكن علينا ألّا ننسى بأن المبدأ نفسه يحتِّم الإيمان برفض عنف الدولة أو السلطات العليا على أي منظمة أو حزب ما لم تصدر منه حالة عدوان. وهذا العدوان ليس طائشاً وليس ثأرياً وإنما يكون عنفاً رادعاً وله أسباب معقولة وواضحة، وإلا تحول عمل الدولة إلى إبادة كالذي حصل على يد حكومة العفالقة وصدام حسين.

كما يجب أن نكون واضحين لجهة رفض أية أفكار خرافية أو مضرة غير نافعة، لكن القضية هنا تمسّ التحديد والكشف والإبانة وإعطاء الدليل، وإلّا أصبحنا نوزّع التهم والإسقاطات والتشهير المتبادل، حيث كل منا يطرح نفسه بأنه ممثل الوطن أو العقيدة وبه حصراً يتم تحديد الحلول المطلوبة للخلاص.

قلت «يحتم الإيمان»، لكون الأمر لا قيمة له ما لم يكن عملية إقناع وعقيدة صادقة. فما الحياة دون رأي غير موت استتر ، بحسب تعبير الصدر الثاني.

موضوع التيار الصدري هو موضوع فقهي أولاً واجتماعي ثانياً، وسياسي تاريخي ثالثاً. فهو من المسائل التي تتعاطى مع الفكر وتتفاعل عبر الإشكاليات مع الشعب، والنتيجة والحالة هذه تكون ماسة بقضايا مبدئية أو فلنقل إنها مقبولة أو مرفوضة على أساس كونها كذلك، كما أنها قضية تمسّ الحراك اليومي والمصير الشعبي، وبالتالي فقضية التيار الصدري هي إحدى ثلاث:

أن تكون خطأ بالكامل أو أنها هي صح بالكامل، أو تحتمل شيئاً من الصح. ومن الواضح أن دور المثقف هنا ليس هو السكوت فيما لو كان هنالك خطأ بهذا الحجم، خطأ يشكل إحدى القوى الأربع المؤثرة في تغيرات المصير العراقي، كما أن الصمت لن يكون من ذهب بعدم بيان أين يكمن الصح في هذا التيار في حالة الإيمان به. والقضية ستكون أشد مسؤولية فيما لو قيل إن هناك صحَّاً وخطأ. المسألة إذن ليست بديهيات كما أنها ليست تلك القضية المزاجية التي يمكن للبعض أن يُسطر فيها خواطره العابرة أو المغتصبة ثم يقدمها لنا على أنها آخر القصائد الحداثوية؛ هكذا بكل هذه البساطة التي يراد بها أن تكون عفوية.

والغريب الذي يجب أن نشير إليه هنا في بداية هذه الورقة، هو أنه لدينا الكثير من الكتابات حول الصدر الثاني، لكن الذي نال منها الشهرة والاهتمام حتى الآن، يتمثل بالكتب السبعة التي تحدثت عن الصدر الثاني وبيّنت شخصه وطبيعة تحركه. وهذه الكتب في واقع الحال تمثَّل صوراً متعددة للصدر الثاني بعضها متشابه وبعضها الآخر مختلف إلى درجة التناقض، وهذه الكتب هي كالتالي:

1 - «مرجعية محمد صادق الصدر»، وهو كتيب أصدره المجلس الأعلى قبل اغتيال الفقيه. يقال إن كاتبه هو صدر الدين القبنجي، ووحدة الأسلوب مع بقية كتب القبنجي تعزز هذا القول.

2 ـ كتاب «مرجعية الميدان» لعادل رؤوف.

3 ـ وكتاب «الشاهد والشهيد» لمختار الأسدي.

4 ـ وكتاب «محمد الصدر رجل الفكر والميدان» لمجموعة باحثين.

5 ـ وكتاب «السفير الخامس» لعباس الزبيدي المياحي.

6 ـ وكتاب «الخواطر» لأسعد الناصري.

7 ـ وكتاب «عجائب وغرائب محمد الصدر» لصادق خزعل الزويني.

لكن أيّاً من هذه الكتب لم يقارب حتى ولو بورقة واحدة أفكار هذا الرجل ورؤاه الجوهرية، بل وعلى الرغم من تفاقم الأزمة بين المستنكرين لتياره والمفرطين في اللهج باسمه، فإن لا أحد استخدم شيئاً من تراثه مع العلم أن الرجل خلّف تركة كبيرة فيها شتى المواضيع المتميزة التي لم يسبق لفقيه أن خلّف مثلها، بغض النظر عن الرؤية النقدية لكل منا إيجاباً أو سلباً. وإن تمّ تصفح بعض مؤلفاته كما هو حال بعض البحوث والمقالات هنا أو هناك، فإنه يبقى تصفحاً في غاية البساطة ومثقلاً بالعاطفة الجياشة والتعابير العفوية غير الدقيقة ولا المحسوبة، الأمر الذي يطمس أكثر مما يوضح. وحينئذ نحن أمام نوع من الكتابة تؤمّن تواصلنا مع الجهل وليس مع العلم. نظراً لأنّ الغاية الأخيرة لهذا النوع من الكتابة هو تصنيم الأشخاص لا بيان أفكارهم، وبالتالي الوقوع في الوثنية التي ليست في جوهرها سوى تحويل الأفكار إلى معبد والأشخاص إلى صنم؛ فإذا بأبناء العالِم على شيء من القداسة، وإذا بتلاميذ المجتهد لا يتنافسون ولا يُنافسون، ووكلاء الفقيه والمرجع مجموعة من الكهنة، يطاردون كل سائل وكل معترض قافلين باب النقاش وتطور الأفكار، فتكون كتابات العالِم وأقواله صحيحة كلها وليس مجتهداً يخطئ ويصيب.

فكتاب الأستاذ مختار الأسدي كان توثيقياً صرفاً، وهو توثيق مثّل لبنة أساسية في عملية القراءات اللاحقة. وكتاب الأستاذ عادل رؤوف، على الرغم من كل قدراته التحليلية النافذة وسجالاته الذكية، إلّا أنه يبقى كتاباً وثّق بمقدار ما حلّل، لكنه مع ذلك كتاب اعتمد على معطيات الواقع المباشر وخطب الصدر الثاني ومحاضراته الصوتية ونتائج الأفعال المرتدة، حيث لا شيء من كتب الصدر الثاني دخل كعنصر مؤيد لنتائج التحليل أو موضّح لطبيعة الموقف. وهذا الأمر هو أمر طبيعي لكون المؤلف متابعاً سياسياً وهذا هو ميدان اختصاصه، وهو الأمر الذي ضيّع فرصة اكتشاف المفاهيم الجديدة لمدرسة الصدر مثل علم العمل وفقه الأخلاق والنصر والدعاء والولاية وقيمة الشِعر والاستخلاف والأمة والمقاومة والمجتمع المعصوم، واليوم الموعود، والأطروحة، والتخطيط العام، الجهاز الثقافي وغير ذلك من مفاهيم هي الأهم في تبيان تميز مدرسة الصدر والمشروع الصدري، هذا بالإضافة إلى انعدام توضيح الصلة الرابطة بين الصدر الثاني مع الصدر الأول، فبقيت شبهة الانفصال بين حركَتَيْ الصدرين، من دون أية مناقشة.

الصفحات