كتاب " وتساقطت أوراق الخريف " ، تأليف د. عبد الحسن حسن خلف ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
أنت هنا
قراءة كتاب وتساقطت أوراق الخريف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

وتساقطت أوراق الخريف
ثم جرى حديث متقطع عن شؤون العمل، تراجعت أميرة خلاله إلى الوراء قليلاً، تطرق أحياناً إلى الأرض، وتلتفت حيناً إلى اليسار، بدأ قلبه يفتح للوسواس نافذة، ويمهد للقلق طريقاً، فقال في نفسه: أعوذ بالله من شر الوسواس الخناس، فاستقرت نفسه إيثاراً للسكوت، فسكت، وما قطع سكوته إلّا بقوله:
هذه حافلة رقم ((25)) تفضلي.
بادر سلمان إلى الصعود ليحجز مكاناً لها، سارت خلفه متباطئة وكأنها تتردد، ثم صعدت متأخرة، تنظر إلى الجالسين وكأنها تتفقده، ناداها:
- تفضلي ست.
نهض من مقعده لتجلس بجوار النافذة، والرجال عندنا يحجزون النساء بالنوافذ إبعاداً لهن من أيدي السراق وأعين الحساد، أو إشفاقاً على قلوب الرجال أن تسرقها عيون النساء، ولا يدري في تلك اللحظة هل هو سارق أم مسروق؟! بعد أن اتخذ هذه الإجراءات الاحترازية، قال:
- كنت مجتهدة في الكلية كما يبدو.
- نعم
- أمامك طريق طويل قبل تحقيق طموحك في الدراسات العليا.
- أراه طويلاً
- عليك أن تنتظري عشر سنوات لتحقيقه، وعند ذاك تبلغين الأربعين.
سألت؛ باستغراب:
- لماذا؟
عدَّ لها سني الدراسة المطلوبة وما بينها من انقطاع، فاقتنعت بذلك، لكن استغرابها ما يزال قائماً، قال:
- وأنت الآن في الثلاثين من عمرك.
قالت ساخرة:
- لا بل في الخامسة والثلاثين.
- بل أحسـبك في الخامسة والعشرين، وإذا شئت الاستظهار ففي السابعة والعشرين.
قالت رافعة كفها:
- إذن أنت حسبته
- هل تقرئين رواية؟ قالت بإصرار.
- لا، لن أقرأ أبداً.
- ما رأيك لو تقرئينها وقت فراغك؟
رفضت بإصرار
- لا، لن أقرأ أبداً.
- لو توافرت لك فرصة لقراءة قصة قصيرة عن الطموح، ما رأيك؟
رفضت بدون إصرار:
- لا، لن أقرأ، ولم تذكر كلمة البتة.
- إن موقفها فريد في حياتي، ورغبتي قوية في كتابتها، ولكن من يقرأها؟
قالت تداعبه:
- أعطها لطلابك وأجبرهم عليها.
- ما يضرك أن تقرئيها وقت فراغك، وقراءتها لا تستغرق خمس عشرة دقيقة؟
- نحن نخاف من أشياء.
بدأ الخوف يراسل سلمان، ويخيط أشباحه في ناظريه، ويساومه على مشاعره، قال:
- أنت طموحة، والخوف والطموح لا يلتقيان.
قالت:
- يلتقيان في موقف واحد، عندما يُلقى بالطموح غريقاً على الشاطئ! فما الخوف عندك؟
أجاب
- أخاف أن أقضَّ مضاجع الهدوء في نفسك!
قالت:
- لو توافرت لك فرصة أن تكتب قصة قصيرة عن الطموح فما ملخص الطموح في رأيك؟
قال:
- سيدتي: إن الطموح غاية سامية، تسعى إليها نفوس كبار في غابر الزمان وحاضر الأيام، وقد لاقت وتلاقي صنوفاً من المتاعب والآلام، وقد يفوز الطامحون، وتخيب آمال آخرين، جنبك الله الخيبة، وأذاقك حلاوة الطموح، ولكل مرحلة في الحياة طموح يلائمها أو يؤاتيها، وطموحي الذي يلائمني ويؤاتيك في هذه المرحلة: أني أرغب في الزواج منك على سنة الله ورسوله، وسأبذل قصارى جهدي طوال حياتي في إسعادك وتحقيق طموحك، ولو اجتمع العالم كله في رجل واحد فاعلمي أن الذي يحبك من هؤلاء هو أنا.