أنت هنا

قراءة كتاب مقالات الإصلاح السياسي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقالات الإصلاح السياسي

مقالات الإصلاح السياسي

كتاب " مقالات الإصلاح السياسي " ، تأليف صلاح بن يوسف الجودر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 9

المحرق والتاريخ الشامخ

إن المتأمل في تاريخ المحرق وتركيبتها السكانية يعلم أنها تختلف اختلافاً كلياً عن بقية المناطق في البحرين، والمحرق بنسيجها وتلاوينها ومجالسها ومنتدياتها، ضمن نسق سني شيعي جميل، يعرف كل فرد فيها ما له وما عليه من حقوق وواجبات، والأجمل في ذلك النسق هو اختلاف أصول أبنائها منذ تأسيسها.

تلك الأصول الممتدة إلى خارج البحرين، السعودية وقطر وإيران واليمن والهند وباكستان والشام ومصر، فليس هناك سعوديون وإيرانيون، ولكن هناك بحرينيون من أصول سعودية أو إيرانية وهكذا مع البقية، لذا فإن المحرق لها خصوصية مختلفة عن بقية مناطق البحرين، هذه الخصوصية التي تكونت بحسب ترابط وتداخل وتعايش الأسر فيما بينها، وهذا ما يجب أن يكون عليه المجتمع المسلم كما أكده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا بين أبيض ولا أسود إلا بالتقوى).

لقد كانت المحرق عبر تاريخها الطويل مقصداً للكثير من العلماء والأدباء والتجار والشعراء والحرفيين، ومكان رزق وأمان لكل الأسر التي جاءت إليها، فاختلطت فيها الأجناس والأعراق، وامتزجت فيها اللغات واللهجات، وتنوعت فيها المذاهب والطوائف، وتداخلت فيها الفرجان والأحياء، فأصبح الولاء لهذه الأرض وقيادتها الحكيمة، هذه هي المحرق بخصوصيتها التي تميزها، لذا فإن أهل المحرق هم أعلم بطرقها ودواعيسها وأسواقها وسواحلها، هم أهل الهولو واليامال، وأهل الفزعة، لذا يفرح أبناؤها ولو من الذين خرجوا منها لظروف السكن والعمل والدراسة بأن تناديهم (يا محرقي)!!.

لم يكن هذا التنوع وذلك الاختلاف في يوم من الأيام سبباً للتنافر والتباعد بين أبنائها، بل كان سبباً لمزيد من الترابط والتلاحم والتآلف والتواصل، حتى وإن حدث ما يعكر صفو الأمن فيها فإن رجالاتها والمخلصين فيها سرعان ما يقفون لوأد الفتنة فيها، فيتنادون لجلسة مصارحة، أو ندوة مكاشفة، دون فضل لأحد على أحد، لمعالجة تلك الإشكالية، بهذا الوعي تميز أهل المحرق – سنّة وشيعة- فهم إخوة على مقاعد الدراسة، وزملاء في الوظائف والأعمال، وأصدقاء في الفرجان والطرقات والأسواق، وهذا ما ورثه الأبناء من الأجداد، بل كان التفاعل بين أبنائها بعد أن دشن جلالة الملك مرحلة الإصلاح، فأخرج من في السجون حتى لم يبق سجين سياسي واحد، وأعاد المبعدين بكل ما لهم من حقوق- وإن بقي ملف المبعدين معلقاً على أمل معالجته قريباً- فلم يعكر صفو تلك العلاقة ولو حادثة واحدة رغم بعض المحاولات البائسة التي ينشرها بعض الطفيليين والطارئين على العمل السياسي!!.

من حق أهل المحرق أن يحافظوا على نسيجهم الاجتماعي، ومن حقهم كذلك التمسك بالسلم الأهلي، من حقهم أن يحصلوا على الخدمات المناسبة وإعادة التخطيط بما يكفل لهم العيش الكريم، لذا فقد فرح أهل المحرق بالخطوة المباركة التي اتخذها سمو رئيس الوزراء لوقف بيع العقار الذي هو من أجل مصلحة محققة أو متوقعة، وهذا ما أكده المحامي فريد غازي والشيخ ياسر المحميد حينما ذكرا في ندوة مجلس الدوى عن المصالح القانونية والشرعية لهذا القرار، ولكن قدرنا في المحرق أن هناك أناساً طفيليين وطارئين على العمل السياسي ينتظرون مثل هذه الفرص لزرع بذور الشك والريبة بين أبناء المحرق، وكأنهم يسعون لصورة مماثلة لما عليها الحال في العراق!!، وإلا ما السبب في التشكيك وإلصاق التهم بهم جزافاً؟، ولماذا نبني دائماً على سوء الظن من دون الجلوس والاستماع إلى الآخرين؟، ثم لماذا توزع المنشورات التي تتبعها منشورات مضادة حتى تكون الفتنة بعد ذلك؟، لماذا يسعى الطفيليون دائماً لزرع الفتن وإثارة القلاقل؟.

إن ما يؤلم النفس ويصيبها بشيء من الغثيان هو أن هناك من يزايد على حب الناس لهذه الأرض، ومن يريد أن يصرف الأنظار عن القضايا الكبرى إلى قضايا صغرى، وإلا فإن القضية في الأساس هي معاناة أهل المحرق لنقص الخدمات التي كنا نطالب بها المسؤولين كثيراً، فلا مواقف للسيارات، ولا ساحات شعبية للأبناء، ولا خدمات تصل إلى المنازل، فالطرقات ضيقة، والشوارع غير مرصوفة، والإنارة غير كافية، والخرائب والبيوت آيلة إلى السقوط، وسكن العمال الأجانب العزاب بكل مساوئهم تقض مضاجع الأهالي، هذه هي القضية الكبرى التي يسعى الطفيليون والطارئون لصرف الأنظار عنها!!.

لذا فإن المخلصين من أهل المحرق تنادوا في هذا الأسبوع في مجلس الدوي(2) من أجل وأد الطائفية وتأكيد اللحمة الوطنية وتعزيز الولاء لهذه الأرض والقيادة حتى وإن تنوعت الأصول واختلفت الأجناس، هكذا دائماً المحرق برجالها المخلصين، يتصدون لمخططات الفتنة الطائفية قبل مخططات تغيير الهوية!!.

الصفحات