أنت هنا

قراءة كتاب دلائل الإعجاز

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

كتاب "دلائل الإعجاز" لمؤلفه عبد القاهر الجرجاني، هو كتاب في إعجاز القرآن، ومن أهم قضية طال فيها الجرجاني فيه وجرى إلى التفصيل هو :" أسرار إعجاز القرآن ودلائله من جهة نظمه"، حيث تناول منهج الجرجاني القضايا القرآنية مبدئا عما أعجز العرب من القرآن هو يقول: "أع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 3
مقدمة المؤلف بقلمه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمد الشاكرين نحمده على عظيم نعمائه وجميل بلائه ونستكفيه نوائب الزمان ونوازل الحدثان ونرغب إليه في التوفيق والعصمة ونبرأ إليه من الحول والقوة ونسأله يقينا يملأ الصدر ويعمر القلب ويستولي على النفس حتى يكفها إذا نزغت ويردها إذا تطلعت وثقة بأنه عز وجل الوزر والكالىء والراعي والحافظ وأن الخير والشر بيده وأن النعم كلها من عنده وأن لا سلطان لأحد مع سلطانه نوجه رغباتنا إليه ونخلص نياتنا في التوكل عليه وأن يجعلنا ممن همه الصدق وبغيته الحق وغرضه الصواب وما تصححه العقول وتقبله الألباب ونعوذ به من أن ندعي العلم بشيء لا نعلمه وأن نسدي قولا لا نلحمه وأن نكون ممن يغره الكاذب من الثناء وينخدع للمتجوز في الإطراء وأن يكون سبيلنا سبيل من يعجبه أن يجادل بالباطل ويموه على السامع ولا يبالي إذا راج عنه القول أن يكون قد خلط فيه ولم يسدد في معانيه ونستأنف الرغبة إليه عز وجل في الصلاة على خير خلقه والمصطفى من بريته محمد سيد المرسلين وعلى أصحابه الخلفاء الراشدين وعلى آله الأخيار من بعدهم أجمعين وبعد فإنا إذا تصفحنا الفضائل لنعرف منازلها في الشرف ونتبين مواقعها من العظم
 
ونعلم أي أحق منها بالتقديم وأسبق في استيجاب التعظيم وجدنا العلم أولاها بذلك وأولها هنالك إذ لا شرف إلا وهو السبيل إليه ولا خير إلا وهو الدليل عليه ولا منقبة إلا وهو ذروتها وسنامها ولا مفخرة إلا وبه صحتها وتمامها ولا حسنة إلا وهو مفتاحها ولا محمدة إلا ومنه يتقد مصباحها وهو الوفي إذا خان كل صاحب والثقة إذا لم يوثق بناصح لولاه لما بان الإنسان من سائر الحيوان إلا بتخطيط صورته وهيئة جسمه وبنيته لا ولا وجد إلى اكتساب الفضل طريقا ولا وجد بشيء من المحاسن خليقا ذاك لأنا وإن كنا لا نصل إلى اكتساب فضيلة إلا بالفعل وكان لا يكون فعل إلا بالقدرة فإنا لم نر فعلا زان فاعله وأوجب الفضل له حتى يكون عن العلم صدره وحتى يتبين ميسمه عليه وأثره ولم نر قدرة قط أكسبت صاحبها مجدا وأفادته حمدا دون أن يكون العلم رائدها فيما تطلب وقائدها حيث تؤم وتذهب ويكون المصرف لعنانها والمقلب لها في ميدانها فهي إذا مفتقرة في أن تكون فضيلة إليه وعيال في استحقاق هذا الاسم عليه وإذا هي خلت من العلم أو أبت أن تمتثل أمره وتقتفي رسمه آلت ولا شيء أحشد للذم على صاحبها منها ولا شين أشين من إعماله لها فهذا في فضل العلم لا تجد عاقلا يخالفك فيه ولا ترى أحدا يدفعه أو ينفيه فأما المفاضلة بين بعضه وبعض وتقديم فن منه على فن فإنك ترى الناس فيه على آراء
 
مختلفة وأهواء متعادية ترى كلا منهم لحبه نفسه وإيثاره أن يدفع النقص عنها يقدم ما يحسن من أنواع العلم على ما لا يحسن ويحاول الزراية على الذي لم يحظ به والطعن على أهله والغض منهم ثم تتفاوت أحوالهم في ذلك فمن مغمور قد استهلكه هواه وبعد في الجور مداه ومن مترجح فيه بين الإنصاف والظلم يجور تارة ويعدل أخرى في الحكم فأما من يخلص في هذا المعنى من الحيف حتى لا يقضي إلا بالعدل وحتى يصدر في كل أمره عن العقل فكالشيء الممتنع وجوده ولم يكن ذلك كذلك إلا لشرف العلم وجليل محله وأن محبته مركوزة في الطباع ومركبة في النفوس وأن الغيرة عليه لازمة للجبلة وموضوعة في الفطرة وأنه لا عيب أعيب عند الجميع من عدمه ولا ضعة أوضع من الخلو عنه فلم يعاد إذا إلا من فرط المحبة ولم يسمح به إلا لشدة الضن ثم إنك لا ترى علما هو أرسخ أصلا وأبسق فرعا وأحلى جنى وأعذب وردا وأكرم نتاجا وأنور سراجا من علم البيان الذي لولاه لم تر لسانا يحوك الوشي ويصوغ الحلي ويلفظ الدر وينفث السحر ويقري الشهد ويريك بدائع من الزهر ويجنيك الحلو اليانع من الثمر والذي لولا تحفيه بالعلوم وعنايته بها
 
وتصويره إياها لبقيت كامنة مستورة ولما استبنت لها يد الدهر صورة ولا ستمر السرار بأهلتها واستولى الخفاء على جملتها إلى فوائد لا يدركها الإحصاء ومحاسن لا يحصرها الاستقصاء الا أنك لن ترى على ذلك نوعا من العلم قد لقي من الضيم ما لقيه ومني من الحيف بما مني به ودخل على الناس من الغلط في معناه ما دخل عليهم فيه فقد سبقت إلى نفوسهم اعتقادات فاسدة وظنون ردية وركبهم فيه جهل عظيم وخطأ فاحش ترى كثيرا منهم لا يرى له معنى أكثر مما يرى للإشارة بالرأس والعين وما يجده للخط والعقد يقول إنما هو خبر واستخبار وأمر ونهي ولكل من ذلك لفظ قد وضع له وجعل دليلا عليه فكل من عرف أوضاع لغة من اللغات عربية كانت أو فارسية وعرف المغزى من كل لفظة ثم ساعده اللسان على النطق بها وعلى تأدية أجراسها وحروفها فهو بين في تلك اللغة كامل الأداة بالغ من البيان المبلغ الذي لا مزيد عليه منته إلى الغاية التي لا مذهب بعدها يسمع الفصاحة والبلاغة والبراعة فلا يعرف لها معنى سوى الإطناب في القول وأن يكون المتكلم في ذلك جهير الصوت جاري اللسان لا تعترضه لكنة ولا تقف به حبسة وأن يستعمل اللفظ الغريب والكلمة الوحشية فإن استظهر للأمر وبالغ في النظر فأن لا بلحن فيرفع في موضع النصب أو يخطىء فيجيء باللفظة على غير ما هي
 
عليه في الوضع اللغوي وعلى خلاف ما ثبتت به الرواية عن العرب وجملة الأمر أنه لا يرى النقص يدخل على صاحبه في ذلك إلا من جهة نقصه في علم اللغة لا يعلم أن ها هنا دقائق وأسرارا طريق العلم بها الروية والفكر ولطائف مستقاها العقل وخصائص معان ينفرد بها قوم قد هدوا إليها ودلوا عليها وكشف لهم عنها ورفعت الحجب بينهم وبينها وأنها السبب في أن عرضت المزية في الكلام ووجب أن يفضل بعضه بعضا وأن يبعد الشأو في ذلك وتمتد الغاية ويعلو المرتقى ويعز المطلب حتى ينتهي الأمر إلى الإعجاز وإلى أن يخرج من طوق البشر ولما لم تعرف هذه الطائفة هذه الدقائق وهذه الخواص واللطائف لم تتعرض لها ولم تطلبها ثم عن لها بسوء الاتفاق رأي صار حجازا بينها وبين العلم بها وسدا دون أن تصل إليها وهو أن ساء اعتقادها في الشعر الذي هو معدنها وعليه المعول فيها وفي علم الإعراب الذي هو لها كالناسب الذي ينميها إلى أصولها ويبين فاضلها من مفضولها فجعلت تظهر الزهد في كل واحد من النوعين وتطرح كلا من الصنفين وترى التشاغل عنهما أولى من الاشتغال بهما والإعراض عن تدبرهما أصوب من الإقبال على تعلمهما أما الشعر فخيل إليها أنه ليس فيه كثير طائل وأن ليس إلا ملحة أو فكاهة أو بكاء

الصفحات