أنت هنا

قراءة كتاب دلائل الإعجاز

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

كتاب "دلائل الإعجاز" لمؤلفه عبد القاهر الجرجاني، هو كتاب في إعجاز القرآن، ومن أهم قضية طال فيها الجرجاني فيه وجرى إلى التفصيل هو :" أسرار إعجاز القرآن ودلائله من جهة نظمه"، حيث تناول منهج الجرجاني القضايا القرآنية مبدئا عما أعجز العرب من القرآن هو يقول: "أع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 8
هل حصلتموه على وجهه وهل أحطتم بحقائقه وهل وفيتم كل باب منه حقه وأحكمتموه إحكاما يؤمنكم الخطأ فيه إذا أنتم خضتم في التفسير وتعاطيتم علم التأويل ووازنتم بين بعض الأقوال وبعض وأردتم أن تعرفوا الصحيح من السقيم وعدتم في ذلك وبدأتم وزدتم ونقصتم وهل رأيتم إذ قد عرفتم صورة المبتدأ والخبر وأن إعرابهما الرفع أن تجاوزوا ذلك إلى أن تنظروا في أقسام خبره فتعلموا أنه يكون مفردا وجملة وأن المفرد ينقسم إلى ما يحتمل ضميرا له وإلى ما لا يحتمل الضمير وأن الجملة على أربعة أضرب وأنه لا بد لكل جملة وقعت خبرا لمبتدأ من أن يكون فيها ذكر يعود إلى المبتدأ وأن هذا الذكر ربما حذف لفظا وأريد معنى وأن ذلك لا يكون حتى يكون في الحال دليل عليه إلى سائر ما يتصل بباب الإبتداء من المسائل اللطيفة والفوائد الجليلة التي لا بد منها وإذا نظرتم في الصفة مثلا فعرفتم أنها تتبع الموصوف وأن مثالها قولك جاءني رجل ظريف ومررت بزيد الظريف هل ظننتم أن وراء ذلك علما وأن هاهنا صفة تخصص وصفة توضح وتبين وأن فائدة التخصيص غير فائدة التوضيح كما أن فائدة الشياع غير فائدة الإبهام وأن من الصفة صفة لا يكون فيها تخصيص ولا توضيح ولكن يؤتى بها مؤكدة كقولهم أمس الدابر وكقوله تعالى فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وصفة يراد بها المدح والثناء كالصفات الجارية على اسم الله تعالى جدة وهل عرفتم الفرق بين الصفة والخبر وبين كل واحد منها وبين الحال وهل عرفتم أن هذه الثلاثة تتفق في أن كافتها لثبوت المعنى للشيء ثم تختلف في كيفية ذلك الثبوت وهكذا ينبغي أن تعرض عليهم الأبواب كلها واحدا واحدا ويسألوا عنها بابا بابا ثم يقال ليس إلا أحد أمرين إما أن تقتحموا التي لا يرضاها العاقل فتنكروا أن يكون بكم
 
حاجة في كتاب الله تعالى وفي خبر رسول الله وفي معرفة الكلام جملة إلى شيء من ذلك وتزعموا أنكم إذا عرفتم مثلا أن الفاعل رفع لم يبق عليكم في باب الفاعل شيء تحتاجون إلى معرفته وإذا نظرتم إلى قولنا زيد منطلق لم تحتاجوا من بعده إلى شيء تعلمونه في الابتداء والخبر وحتى تزعموا مثلا أنكم لا تحتاجون في أن تعرفوا وجه الرفع في الصابئون في سورة المائدة إلى ما قاله العلماء فيه وإلى استشهادهم بقول الشاعر الوافر وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق وحتى كأن المشكل على الجميع غير مشكل عندكم وحتى كأنكم قد أوتيتم أن تستنبطوا من المسألة الواحدة من كل باب مسائله كلها فتخرجوا إلى فن من التجاهل لا يبقى معه كلام وإما أن تعلموا أنكم قد أخطأتم حين أصغرتم أمر هذا العلم وظننتم ما ظننتم فيه فترجعوا إلى الحق وتسلموا الفضل لأهله وتدعوا الذي يزري بكم ويفتح باب العيب عليكم ويطيل لسان القادح فيكم وبالله التوفيق هذا ولو أن هؤلاء القوم إذ تركوا هذا الشأن تركوه جملة وإذ زعموا أن قدر المفتقر إليه القليل منه ولم يخوضوا في التفسير ولم يتعاطوا التأويل لكان البلاء واحدا ولكانوا إذ لم يبنوا لم يهدموا وإذ لم يصلحوا لم يكونوا سببا للفساد ولكنهم لم يفعلوا فجلبوا من الداء ما أعيى الطبيب وحير اللبيب وانتهى التخليط بما أتوه فيه إلى حد يئس من تلافيه فلم يبق للعارف الذي يكره الشغب إلا التعجب والسكوت وما الآفة العظمى إلا واحدة وهي أن يجيء من الإنسان أن يجري لفظه ويمشي له أن يكثر في غير تحصيل
 
وأن يحسن البناء على غير أساس وأن يقول الشيء لم يقتله علما ونسأل الله الهداية ونرغب إليه في العصمة ثم إنا وإن كنا في زمان هو على ما هو عليه من إحالة الأمور عن جهاتها وتحويل الأشياء عن حالاتها ونقل النفوس عن طباعها وقلب الخلائق المحمودة إلى أضدادها ودهر ليس للفضل وأهله لديه إلا الشر صرفا والغيظ بحتا وإلا ما يدهش عقولهم ويسلبهم معقولهم حتى صار أعجر الناس رأيا عند الجميع من كانت له همة في أن يستفيد علما أو يزداد فهما أو يكتسب فضلا أو يجعل له ذلك بحال شغلا فإن الإلف من طباع الكريم وإذا كان من حق الصديق عليك ولا سيما إذا تقادمت صحبته وصحت صداقته أن لا تجفوه بأن تنكبك الأيام وتضجرك النوائب وتحرجك محن الزمان فتتناساه جملة وتطويه طيا فالعلم الذي هو صديق لا يحول عن العهد ولا يدغل في الود وصاحب لا يصح عليه النكث والغدر ولا يظن به الخيانة والمكر أولى منه بذلك وأجدر وحقه عليك أكبر ثم إن التوق إلى أن تقر الأمور قرارها وتوضع الأشياء مواضعها والنزاع إلى بيان ما يشكل وحل ما ينعقد والكشف عما يخفى وتلخيص الصفة حتى يزداد السامع ثقة بالحجة واستظهارا على الشبهة واستبانة للدليل وتبيينا للسبيل شيء في سوس العقل وفي طباع النفس إذا كانت نفسا ولم أزل منذ خدمت العلم أنظر فيما قاله العلماء في معنى الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة وفي بيان المغزى من هذه العبارات وتفسير المراد بها فأجد بعض ذلك كالرمز والإيماء والإشارة في خفاء وبعضه كالتنبيه على مكان الخبيء ليطلب وموضع
 
الدفين ليبحث عنه فيخرج وكما يفتح لك الطريق إلى المطلوب لتسلكه وتوضع لك القاعدة لتبني عليها ووجدت المعول على أن ها هنا نظما وترتيبا وتأليفا وتركيبا وصياغة وتصويرا ونسجا وتحبيرا وأن سبيل هذه المعاني في الكلام الذي هي مجاز فيه سبيلها في الأشياء التي هي حقيقة فيها وأنه كما يفضل هناك النظم النظم والتأليف التأليف والنسخ النسج والصياغة الصياغة ثم يعظم الفضل وتكثر المزية حتى يفوق الشيء نظيره والمجانس له درجات كثيرة وحتى تتفاوت القيم التفاوت الشديد كذلك يفضل بعض الكلام بعضا ويتقدم منه الشيء الشيء ثم يزداد فضله ذلك ويترقى منزلة فوق منزلة ويعلو مرقبا بعد مرقب وتستأنف له غاية بعد غاية حتى ينتهي إلى حيث تنقطع الأطماع وتحسر الظنون وتسقط القوى وتستوي الأقدام في العجز وهذه جملة قد يرى في أول الأمر وبادىء الظن أنها تكفي وتغني حتى إذا نظرنا فيها وعدنا وبدأنا وجدنا الأمر على خلاف ما حسبناه وصادفنا الحال على غير ما توهمناه وعلمنا أنهم لئن أقصروا اللفظ لقد أطالوا المعنى وإن لم يغرقوا في النزع لقد أبعدوا على ذاك في المرمى وذاك لأنه يقال لنا ما زدتم على أن قستم قياسا فقلتم نظم ونظم وترتيب وترتيب ونسج ونسج ثم بنيتم عليه أنه ينبغي أن تظهر المزية في هذه المعاني هاهنا حسب ظهورها هناك وأن يعظم الأمر في ذلك كما عظم ثم وهذا صحيح كما قلتم ولكن بقي أن تعلمونا مكان المزية في الكلام وتصفوها لنا وتذكروها ذكرا كما ينص الشيء ويعين ويكشف عن وجهه ويبين ولا يكفي أن تقولوا إنه خصوصية في كيفية النظم وطريقة مخصوصة في نسق الكلم بعضها على بعض حتى تصفوا تلك الخصوصية وتبينوها وتذكروا لها أمثلة وتقولوا مثل كيت وكيت كما يذكر لك من تستوصفه عمل الديباج المنقش ما تعلم به وجه دقة الصنعة أو يعلمه بين يديك حتى ترى عيانا كيف

الصفحات