الزهور الصفراء: الجزء الثاني من مشروع القاص محمد المنصور الشقحاء إعادة طبع نتاجه في مجال القصة القصيرة في مشروع الأعمال القصصية.
أنت هنا
قراءة كتاب الزهور الصفراء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الزهور الصفراء
أهازيج ميلاد جديدة
تتناثر الأفكار. تنهال الرؤى باحثة بقسوة عن لحظة حب هي إيمان راسخ لموطن عاثت فوق ثراه أيام الطفولة والصبا. في سذاجة مبنية على وهم كبير هو خليط من الخوف والطيبة.
***
كان عليه أن يستكين. فهو ذات مطيعة لينة تقول ـ نعم ـ قبل أن يصدر إليها الأمر.
***
الربيع الثامن عشر أطل هادراً. بدون مقدمات. ومع هذه الإطلالة حلت الصدمة التي أعادت المعايير إلى لولبها، لتنصهر في هاجس من الرفض. أكد معنى أحلام أخذت تحيط بواقعة مهددة بنهاية بشعة.
***
كان الرحيل هاجساً جديداً. وبرغم الخوف أصرت الجدة العجوز على مرافقته في رحلة الغربة. حيث يبحث الجميع عن الذهب.
***
الطريق طويل وشاق أخذت العجوز معه تبكي. صوتها يصل إليه منهداً يعلن بؤس الأيام، وشقاء الطريق الذي أخذت ترصّعه عيون مشاركيه فأخذت تقدم لجدته يد المساعدة. وقد أقام الرفض متاريسه في أعماقه لعدم الإدراك.. بأن هناك شيئاً رهيباً قادم.. فأخذ يلتصق بجدته أكثر.
***
الشوارع كما هي. رملية تنتشر في جوانبها الأغنام السائبة والدجاج والبقر والقطط والكلاب في خليط عجيب يعلن تقبل الإنسان لكل العوامل، وإمكانية تهجينه للحياة في كل الظروف.
***
الصراخ يملأ الشوارع. والجديد الذي كون خطاً آخر موازياً لخطوط الرفض التي أخذت في الاضمحلال هو رغبة الحياة التي هي بدورها دافع للبحث عن عمل. إنهم.. يذبحون الأبقار في الشوارع ويلطخون الجدران بالبقايا. بينما نادل المقهى ذي المقاعد الشريطية والجدران المتهرئة يصيح بصوت عال، معلناً تلبيته لتقديم طلبات المرتادين. في إحدى يديه إبريق الشاي وفي الأخرى شيشة أخذ الشرر يتطاير من رأسها.
***
الأيام في عنفوانها. وفاطمة التكرونية التي تعمل في دار مخدومه أخذت تهتم به. تقوم بزيارته في الدكان حيث يعمل وتهتم بجدته كثيراً بينما تبحث في عينيه عن الرضا.
***
ثارت ثائرة الشارع. أخذ الهرج يرتفع إلى عنان السماء حيث تم العثور على قتيل مجهول الهوية في إحدى الدور الخربة التي يأوي إليها الغرباء أثناء الليل بحثاً عن الراحة.
***
تكوّن خيط آخر. لماذا يموت الإنسان؟ لقد شاهد الموت إنما بين جنيات الأهل حيث يكون البكاء. ورش الطريق بالماء. وتزاحم الناس لمواساة أهل الميت في صمت ودموع تنداح فوق الخدود حارة تحرق الأنامل بصدقها.
***
التوى طريق حياته. أصبحت المخارج مسدودة. وهاجس من الرعب يطوق خطواته بطوق الترقب. أخذ يتلفت حوله كثيراً. يسارع بين فينة وأخرى إلى الدار حيث تقبع جدته وتقوم بصناعة المراوح اليدوية و«الطواقي» المخرقة.
***
لاحظت الجدة ذلك. فأخذت تقلب الأفكار حتى وصلت إلى مرحلة الشطط فتوقفت عن مواصلة عملها.
***
الطريق الطويل الذي أخذت العجوز معه تبكي، كان يتلوى أمام عربة النقل التي حوتهما في صندوقها. بينما الحديث بين الاثنين لم ينقطع منذ أن غادرت العربة موقف الشحن.
***
ادلهم الظلام. اختفى الطريق. وخيم الوسن على الجميع فعلا الشخير كما نقيق الضفادع.
***
وضع رأسه فوق فخذ جدته التي أخذت تداعب شعره. كان الارتياح يخيم بداخله راسماً صوراً جميلة لمرحلة مقبلة. فأغمض مقلتيه عنوة حتى لا تهرب مرحلة الصحو في داخله.
***
لم يكن هناك أحد يبكي. فالساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلاً. الظلام دامس يخيم على المكان لولا ضوء كشّافات تشتعل بالبطارية أحضرها رجال السير لانتشال جثث الموتى، وإعانة رجال الإسعاف في مهمتهم. لم يكن هناك أحد يبكي. لقد خيم الصمت.