أنت هنا

قراءة كتاب الزهور الصفراء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الزهور الصفراء

الزهور الصفراء

الزهور الصفراء: الجزء الثاني من مشروع القاص محمد المنصور الشقحاء إعادة طبع نتاجه في مجال القصة القصيرة في مشروع الأعمال القصصية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

هروب

استافت الرؤيا أحداقاً غارقة في الدم. تلتهم أجر الجدران وتلعق في نهم. مراشف حياة.. أخذت تعج بها الشوارع الترابية.
الوقوف على الأرصفة في ذلك الزمن المندس في دهاليز الحياة؛ وصمة بالنسبة إلى حسناء يطل ضوء وجهها من وراء حجاب شفاف.. تنتظر حافلة العمل.
إنهم يحرقون ريش الطيور في النار، حيث يتم دفن العصافير الصغيرة في الجمر لتعبق رائحة الشواء في الوادي، حيث يرتاح للجلوس مع أصفياء السعد. في مرحلة هروب من الواقع المؤلم الذي انداح قلقاً في غياهب الوجود.
ـ أنت..
ـ أنا..
ـ وهل.. هناك غيرنا..؟
لم يكن هناك سواهما.. حديثها عابق بالروائح والأماني.. بينما أخذ يبحث في الوجوه التي خلقها عقله الباطن عن شبيه، ليتذكر هاجساً في أعماقه يقول ذات يوم ألتقي (سهام). تعبث بضفائرها تبتسم في وجه المارة، تقذف الحجارة في جميع الاتجاهات لتخلق الشغب في شارع الحي الرملي. تصطاد زجاج النوافذ والعربات المارة تزرع الخوف في العيون. يهابها الأطفال، أما هو فقد كان فتاها الذي تختفي معه عن العيون. حتى اختفت فجأة.
كل شيء فيها لا يذكره. بما هو فيه. فحديث الروائح والأماني نبع جديد يحف به سياج من الزهور المهجنة..
ـ أنت..
ـ نعم.. إنني أستطيع.. مواصلة الطريق وزرع الطريق. الذي أصبح الآن مزفتاً بزجاج المشروبات الفارغة لتمر من فوقها دواليب العربات.
ومن ثم تحدث أصوات مفزعة تربك الجميع.
ـ ماذا؟
ـ لا شيء..
الاندهاش المزروع في (ماذا) بركان أخذ يقذف حممه فوق الأشجار لتحرق الجميع في دوامة أعاصير ثارت فجأة غير متباينة الجهات تجتاح كل شيء مخلّفة الرماد فوق الأرض..
الرماد منتشر في الأنحاء. يزكم الأنوف، يلطخ الأطراف في غاية لا يدرك الجميع أنها النهاية.
توقفت عربة أجرة أمام الاثنين فاندسا في المقعد الخلفي. لم يحاول أن يسبقها إلى الدخول، ولم تحاول دفعه إلى الداخل قبلها.
تحركت العربة. لم ينبس السائق بكلمة. كأنه يعرف الوجهة التي يقصدانها. وفجأة توقف ثم التفت إلى الخلف فإذا بالمقعد خال وأوراق بيضاء متناثرة فوقه. تحرك قليلاً من موقفه حتى وجد مكاناً آمناً.
ترجل من العربة.. فتح الباب الخلفي.. أخذ يجمع الأوراق: السطور في بعضها غير مرئي والأخرى بيضاء. كومها بين يديه ثم أغلق الباب وتلفت حوله. ثم وضعها فوق الرصيف بهدوء.
مرت إحدى الحافلات التي تحمل شعار إحدى المؤسسات العامة. وقد احتل مقاعدها مجموعة من الموظفين والموظفات كانت أصواتهم الخافتة تنتشر في الفضاء.
إنهم يغرقون المقل في الكحل الأسود لتبدو مستديرة تسبي عيون الناظرين كما يجب أن يكون لها محور ارتكاز. وبداية انطلاق لترسم خطوطاً عرجاء محدودبة فوق الزفت. تقشع ما سبقها من رسوم تسابق أصحابها على إلقاء أجسادهم أمام العربات المارقة ليرسم الدم المتطاير من الشرايين صوراً صادقة لواقع مؤلم.
ـ أنت.
وتلفتت حولها (كان يقف هنا). همست بذلك لرفيقتها التي وقفت تواً إلى جوارها في انتظار الحافلة.

الصفحات