أنت هنا

قراءة كتاب خزانة الأدب وغاية الأرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خزانة الأدب وغاية الأرب

خزانة الأدب وغاية الأرب

كتاب "خزانة الأدب وغاية الأرب" لمؤلفه تقي الدين بن حجة الحموي، يتناول تاريخ الأدب في عصر المماليك ويعد لذلك من الكتب التي لا غنى عنها للباحثين في الأدب إذ ضمنه كثيراً من نماذج شعراء عصره وقدم تصويراً دقيقاً للحياة الأدبية آنذاك ولعل هذا الكتاب يعد من أبرز م

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 2
في حسن الابتداء وبراعة الاستهلال حسن الابتداء عند المتقدمين لي في ابتدا مدحكم يا عرب ذي سلم براعة تستهل الدمع في العلم اعلم أنه اتفق علماء البديع على أن براعة المطلع عبارة عن طلوع أهلة المعاني واضحة في استهلالها وأن لا يتجافى بجنوب الألفاظ عن مضاجع الرقة وأن يكون التشبيب بنسيبها مرقصا عند السماع وطرق السهولة متكفلة لها بالسلامة من تجشم الحزن ومطلعها مع اجتناب الحشو ليس له تعلق بما بعده وشرطوا أن يجتهد الناظم في تناسب قسميه بحيث لا يكون شطره الأول أجنبيا من شطره الثاني وقد سمى ابن المعتز براعة الاستهلال حسن الابتداء وفي هذه التسمية تنبيه على تحسين المطالع وإن أخل الناظم بهذه الشروط لم يأت بشيء من حسن الابتداء وأورد في هذا الباب قول النابغة كليني لهم يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب قال زكي الدين بن أبي الأصبع لعمري لقد أحسن ابن المعتز الاختيار فإني أظنه نظر بين هذا الابتداء وبين ابتداء امرئ القيس حيث قال قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل
 
فرأى ابتداء امرئ القيس على تقدمه وكثرة معانيه متفاوت القسمين جدا لأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ وسهولة السبك وكثرة المعاني وليس في الشطر الثاني شيء من ذلك وعلى هذا التقدير مطلع النابغة أفضل من جهة ملايمة ألفاظه وتناسب قسميه وإن كان مطلع امرئ القيس أكثر معاني وما عظم ابتداء امرئ القيس في النفوس إلا الاقتصار على سماع صدر البيت فإنه وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في شطر بيت وإذا تأمل الناقد البيت بكماله ظهر له تفاوت القسمين وقال أعني ابن أبي الأصبع إذا وصلت إلى قول البحتري من هذا الباب وصلت إلى غاية لا تدرك وهو قوله بودي لو يهوى العذول ويعشق ليعلم أسباب الهوى كيف تعلق انتهى كلام زكي الدين بن أبي الأصبع ولقد أحسن أبو الطيب المتنبي حيث قال أتراها لكثرة العشاق تحسب الدمع خلقة في المآقي ومثله قوله أي قول حبيب حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا فلم أدر أي الظاعنين أشيع وما ألطف قول أبي تمام في هذا الباب لا أنت أنت ولا الديار ديار خف الهوى وتقضت الأوطار ومثله قول أبي العلاء المعري يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر لعل بالجزع أعوانا على السهر وقد خلب القلوب ابن المعتز في تناسب القسمين بقوله أخذت من شبابي الأيام وتولى الصبا عليه السلام
 
وما أحلى ما ناسب ابن هانئ قسمي مطلعه بالاستعارات الفائقة حيث قال بسم الصباح لأعين الندماء وانشق جيب غلالة الظلماء وقال الشريف أبو جعفر البياضي يشير إلى الرفق بالإبل عند السرى وتلطف ما شاء في تناسب القسمين حيث قال رفقا بهن فما خلقن حديدا أو ما تراها أعظما وجلودا وهذه القصيدة طريقها الغريب لم يسلكها غيره فإنه نسجها جميعها على هذا المنوال ومنها يفلين ناصية الفلا بمناسم وسم الوجا بدمائهن البيدا فكأنهن نثرن درا بالخطا ونظمن منه بسيرهن عقودا ومما يعذب في الذوق من هذا الباب قول ابن قاضي ميلة يزيد الهوى دمعي وقلبي المعنف ويحيي جفوني الوجد وهو المكلف وقد نبه مشايخ البديع على يقظة الناظم في حسن الابتداء فإنه أول شيء يقرع الأسماع ويتعين على ناظمه النظر في أحوال المخاطبين والممدوحين وتفقد ما يكرهون سماعه ويتطيرون منه ليتجنب ذكره ويختار لأوقات المدح ما يناسبها وخطاب الملوك في حسن الابتداء هو العمدة في حسن الأدب فقد حكي أن أبا النجم الشاعر دخل على هشام بن عبد الملك في مجلسه فأنشده من نظمه صفراء قد كادت ولما تفعل كأنها في الأفق عين الأحول وهشام بن عبد الملك أحول فأخرجه وأمر بحبسه وكذلك اتفق لجرير مع أبيه عبد الملك فإنه دخل عليه وقد مدحه بقصيدة حائية أولها أتصحو أم فؤادك غير صاح فقال له عبد الملك بل فؤادك يا ابن الفاعلة

الصفحات