ديتليف ميليس التحقيق والتداعيات، لـمـاذا.. هذا الكتاب؟؛ لأن جريمة اغتيال الشهيد الكبير هزّت كيان كل مواطن لبناني، وزلزلت صورة المستقبل عند كل عروبي يهمه التقدم والتطور لهذا المجتمع..
أنت هنا
قراءة كتاب ديتليف ميليس التحقيق والتداعيات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ديتليف ميليس التحقيق والتداعيات
مقدمة
بقلم: هشام جابر(1)
إن الانفجار الذي هز عاصمة لبنان ظهيرة الرابع عشر من شباط "فبراير" عام 2005، وترددت أصداؤه إلى العالم بأسره. لم يكن جريمة اغتيال سياسية بالمعنى المألوف للكلمة. ولم يكن عملاً إرهابياً محدود المكان، والزمان، والأهداف والنتائج. بل زلزالاً سياسياً كبيراً. تجاوز مكانه إلى المنطقة بأسرها وتخطى زمانه إلى الأزمنه المقبلة، وقفزت نتائجه فوق كل متوقع، وتدحرجت تداعياته ككرة الثلج، ولم تزل.
إن هذا الحادث الجلل الذي أودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفاقه. والذي أصاب لبنان، وشعبه في صميمه. لا يمكن وصفه إلا بكونه جريمة إرهابية بامتياز.
لقد كُتب الكثير عن هذه الجريمة النكراء، وهدر من الحبر، ربما أكثر مما هدر من دماء. وبثت موجات الأثير، وفضائيات التلفزة مئات المقابلات، والمداخلات، والتعليقات، التي تناولت جريمة العصر هذه، تحليلاً، وتنظيراً، وتقريراً. محاولة الإضاءة على الزوايا الثاوية، في مسلك هذا العمل الإرهابي الكبير، وكل ما قيل، وما يقال، وما كتب، وما سيكتب. أتى، ويأتي تحت عنوان واحد ء هو «الحقيقة».
معرفة حقيقة من خطط، ومن نفذ... هوية العقل المدبر، واليد الجانية.
كثيرون اتهموا ........ وكثيرون برؤا. ورأيت كما رأى غيري من الباحثين، وخلال مقابلات عديدة في الصحافة، والتلفزة أن لا نكون من هؤلاء، ولا من أولئك. بل النظر إلى هذه القضية الكبرى بمنظار الموضوعية، والتحليل العلمي بوجهيه الجنائي، والسياسي. وذلك بوضع أحاسيسنا، وعواطفنا جانباً، ولو إلى حين. واستذكار ما تعلمناه في المدرسة العسكرية، وفي مواد الإرهاب السياسي. واستحضار ما نتعلمه كل يوم، وتسجيله، وتحليله، وتوثيقه. لا لسبب إلا لعدم إضاعة الحقيقة. وهذا أصعب موقف لمن لا يمكنه أن يكون محايداً في أمر أصابه في جملة ما أصاب. كونه أصاب الوطن في المكان «الأوجع».
لقد رأيت كما رأى غيري منذ البداية أن هذه الجريمة الإرهابية الكبرى تدخل جنائياً في خانة "الجرائم الكاملة". وأن كشفها، واستكمال عناصرها يتطلب خبرات متفوقة، وتقنيات عالية، وصلاحيات واسعة. لذا أتت لجنة التحقيق الدولية بقرار من مجلس الأمن، ودعم من المجتمع الدولي.
وعملت اللجنة بجد ونشاط على جمع الآلاف من الوثائق التي يدخل بعضها، برأي اللجنة في باب الأدلة، والآخر في تقاطع المعلومات، والتحليل السياسي. وجاءت بتقريريها الأول والثاني، إلى مجلس الأمن الذي مدد عمل اللجنة بقرار دولي.
إن هذه القضية الخطيرة التي نحن بصددها لم تعد تسمح بالتنظير، وإطلاق الآراء غير المبنية على دلائل، وقرائن. ولا سيما بعد أن بدأت لجنة التحقيق الدولية عملها فبقي العمل الأهم. وهو توثيق عمل اللجنة، والتعريف بها، وبدورها، وحدود هذا الدور، وإلى أين وصلت، وإلى أين ستصل، وهذا ما قام به الباحث الدكتور محمد قبيسي بجهد مضني يشكر عليه.
لم يتخذ الدكتور محمد قبيسي في كتابه هذا أي موقف سياسي. واضعاً نصب عينيه معادله راسخة، وهي أن الحقيقة التي يسعى إليها الجميع لا تحتمل انحيازاً، أو افتراضات، تقود إليها العواطف. فعمل جاداً على جمع الوثائق، وسرد الوقائع . محدداً الأطر القانونية لعمل لجنة التحقق الدولية، وعلاقتها بالقضاء اللبناني حيث أتت أصلاً، لمساعدة هذا القضاء في كشف الحقيقة، وليس للحلول مكانه أو مصادرة دوره.
لقد تناول الدكتور قبيسي في كتابه القيّم هذا مراحل التحقيق، بدقة وتجرد، وأماط اللثام عن الكثير من النقاط الغامضة في هذا التحقيق. وأفرد فصولاً لتداعيات الجريمة. فأتى كتابه مرجعاً تفتقر إليه المكتبة العربية حتى تاريخه. مرجعاً يعود إليه كل باحث، وكل مهتم، وكل معني بهذا الحدث الجلل، وبأسبابه وبظروفه وبتداعياته.
وإذا كانت الحقيقة مغطاة بقشة أحياناً، كما يقول المثل، فإن الدكتور المؤلف حمل مصباح "ديوجن" مدققاً، ومفتشاً، ومنقباً،عن هذه القشة التي تخفي الحقيقة .... وفقنا الله لمعرفتها. رحمة بنا، وبوطننا، ولذكرى الرئيس الذي اغتيل ورفاقه الأبرار غدراً. وقصد باغتيالهم اغتيال الوطن