أنت هنا

قراءة كتاب الفتاوى الكبرى الجزء السادس عشر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفتاوى الكبرى الجزء السادس عشر

الفتاوى الكبرى الجزء السادس عشر

كتاب "الفتاوى الكبرى" - الجزء السادس عشر، يضم بأجزاءه فتاوى الإمام ابن تيمية في أغلب المسائل الشرعية، حيث يجد فيه المسلم ضالته في الإجابة على كثير من التساؤلات التي تعترضه في أموره الدينية والدنيوية، والتي من خلال هذه الفتاوى يسير على هدي الكتاب والسنة، واج

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
دار النشر: ektab
الصفحة رقم: 7
فَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ مِمَّنْ فِي عُرْفِ خِطَابِهِ أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا هُوَ مُمَاثِلٌ لِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ فَقَدْ حَنِثَ ، وَإِنْ كَانَ فِي عُرْفِ خِطَابِهِ أَنَّ ظَاهِرَهَا هُوَ مَا يَلِيقُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عُرْفَ أَهْلِ نَاحِيَتِهِ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَلَمْ يَكُنْ سَبَبٌ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مُرَادِهِ وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِنِيَّتِهِ ، فَقَدْ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعْنًى صَحِيحًا وَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مَعْنًى بَاطِلًا فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ ، وَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى
 
شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ حَنِثَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَحْنَثْ فَالْحُكْمُ فِي يَمِينِهِ ظَاهِرٌ .
 
وَاعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ مَنْ يُنْكِرُ هَذِهِ الصِّفَةَ وَأَمْثَالَهَا إذَا بَحَثْتَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ وَجَدَّتَهُمْ قَدْ اعْتَقَدُوا أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ كَاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِينَ أَوْ اسْتِوَاءٍ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثًا أَوْ نَقْصًا .
 
ثُمَّ حَكَوْا عَنْ مُخَالِفِهِمْ هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ تَعِبُوا فِي إقَامَةِ الْأَدِلَّةِ عَلَى بُطْلَانِهِ ، ثُمَّ يَقُولُونَ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ إمَّا بِالِاسْتِيلَاءِ أَوْ بِالظُّهُورِ وَالتَّجَلِّي أَوْ بِالْفَضْلِ وَالرُّجْحَانِ الَّذِي هُوَ عُلُوُّ الْقَدْرِ وَالْمَكَانَةِ ، وَيَبْقَى الْمَعْنَى الثَّالِثُ وَهُوَ اسْتِوَاءٌ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ تَكُونُ دَلَالَةُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ كَدَلَالَةِ لَفْظِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ عَلَى مَعَانِيهَا قَدْ دَلَّ السَّمْعُ عَلَيْهِ ، بَلْ مَنْ أَكْثَرَ النَّظَرَ فِي آثَارِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ إلَى الْأُمَّةِ ، أَنَّ رَبَّكُمْ الَّذِي تَعْبُدُونَهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَوْقَ الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَوَاتِ ، وَعَلِمَ أَنَّ عَامَّةَ السَّلَفِ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ مِثْلَ مَا عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ وَاحِدٍ لَفْظٌ يَدُلُّ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ .
 
وَلَا قَالَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ إنَّ رَبَّنَا لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ ، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ أَوْ أَنَّ اسْتِوَاءَهُ عَلَى الْعَرْشِ كَاسْتِوَائِهِ عَلَى الْبَحْرِ ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تُرَّهَاتِ الْجَهْمِيَّةِ وَلَا مَثَّلَ اسْتِوَاءَهُ بِاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَلَا أَثْبَتَ لَهُ صِفَةً تَسْتَلْزِمُ حُدُوثًا أَوْ نَقْصًا ، وَاَلَّذِي يُبَيِّنُ لَكَ خَطَأَ مَنْ أَطْلَقَ الظَّاهِرَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَلِيقُ بِالْخَلْقِ ، أَنَّ الْأَلْفَاظَ نَوْعَانِ : أَحَدُهُمَا مَا مَعْنَاهُ مُفْرَدٌ
 
كَلَفْظِ الْأَسَدِ وَالْحِمَارِ وَالْبَحْرِ وَالْكَلْبِ فَهَذَا إذَا قِيلَ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ ، أَوْ قِيلَ لِلْبَلِيدِ حِمَارٌ أَوْ قِيلَ لِلْعَالِمِ أَوْ السَّخِيِّ أَوْ الْجَوَادِ مِنْ الْخَيْلِ بَحْرٌ أَوْ قِيلَ لِلْأَسَدِ كَلْبٌ فَهَذَا مَجَازٌ ثُمَّ إنْ قُرِنَتْ بِهِ قَرِينَةٌ تُبَيِّنُ الْمُرَادَ { كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَرَسِ ، أَبِي طَلْحَةَ : إنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا } ، وَقَوْلِهِ : { إنَّ خَالِدًا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ } .
 
وَقَوْلِهِ لِعُثْمَانَ : { إنَّ اللَّهَ قَمَّصَكَ قَمِيصًا } وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ اسْتَلَمَهُ وَصَافَحَهُ فَكَأَنَّمَا بَايَعَ رَبَّهُ .

الصفحات