أنت هنا

قراءة كتاب البلاغة وتحليل الخطاب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البلاغة وتحليل الخطاب

البلاغة وتحليل الخطاب

كتاب " البلاغة وتحليل الخطاب "، يتمحور موضوع الكتاب حول إشكالية النسق السيميائي للخطاب الاستعاري، وهو خطاب يفترض فيه أنه منفتح على القراءة والتأويل، لأنه يمثّل خاصية أساسية في اللغة الطبيعية في جوانبها: التمثيلي، الدلالي، والتداولي.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

2 ـ بين المحايثة والتأويل

نتساءل هنا: هل للنص الأدبي حظ قليل من هذه القراءة الدينامية للنص الإلهي، خصوصاً وأنهما يعتمدان الآليات نفسها، فكلاهما حدث لغوي، وإذا كان النص القرآني يخوض في مسائل غيبية علمها لدى الخالق، فإن النص الأدبي مهما كان جنسه فإنه يطلق العنان للمخيلة، فتغترف من الواقع عناصرها، لتخلق صوراً لعوالم أخرى، لا نجد لها وجوداً إلا في اللغة، كتمظهر للمخيال وللعقل البشري، الذي ما فتئ يخترع حكاياه الخيالية، باستعارة عناصر واقعية للتعبير عن الواقع، وهو بصدد علمنة دراسة الخيال.
انطلاقاً من هنا تأتي الإشكالية الأساسية للبحث، وهي كيف يمكننا تحديد دلالات الخطاب ومقاصده؟ وهل نتوقف عند مقاصد المؤلف أم مقاصد النص والقارئ اللذين يمتلكان سلطة استنطاق اللغة بعيداً عن إرادة المؤلف؟.
إذا كانت نظريات تحليل الخطاب تمدنا ببعض المفاتيح الإجرائية لفهم النصوص فكيف سنتعامل مع تعدد الدلالات الناتجة من تعدد اتجاهات ومجالات تحليل الخطاب، وتعدد زوايا النظر إلى الخطاب؟ أيهما يفرض الآخر: النص أم المنهج؟ لماذا أغفل تحليل الخطاب (خصوصاً ما يتعلق بالخطاب الأدبي) الجانب التخييلي في النصوص، هل هذا يعود إلى طبيعة التخييل نفسه أم أن حدود المنهج لا تسمح بذلك لكونه في الأصل يتعلق بالنقد الأدبي؟ هذه مجموع التساؤلات التي تحوم حول إشكالية البحث، والتي سأرجئ الإجابة عنها إلى حينها، بعد أن نستوفي طرح مجموع المنطلقات الأساسية في تحليل الخطاب.
مفهوم البنية لساني بحت، تعود أصوله الأولى إلى عالم اللسانيات دي سوسور، التي وصفت لسانياته باللسانيات البنيوية، وإلى أتباعه من المهتمين بالحقل الألسني كحلقة براغ التي مثلها جاكبسون وتروبتسكوي، وحلقة كوبنهاغن التي مثلها بروندال وهيلمسالف الذي عرّف البنية بأنها: «كيان مستقل من العلاقات الداخلية أو ذات ارتباطات جوانية (...) والمفهوم هو في الأصل فلسفي يدل على ترتيب الأجزاء المختلفة التي يتألف منها الشيء» (18).
ولأن لنظريات تحليل الخطاب جميعاً روافد لسانية سوسورية، فقد كان طبيعياً أن تنظر إلى المادة التحليلية (النص) على أساس أنه بنية، أو الأحرى بنية مركبة مغلقة.
لكن البنيوية سوف تنفتح على مناهج أخرى تنطلق من داخل البنيوية ، وتنتقدها لتخرج إلى مناهج ما بعد البنيوية : «من بين البنيويين الذين تنكروا للبنيوية بل عجلوا الدعوة إلى هدمها، والتخلي عنها جاك دريدا الذي هاجم ما فيها من تجريد واختزال شكلي وآنية ميتافيزيقية وجوليا كريستيفا ومجموعة (Tel Quel) التي دعت إلىسيميائية جديدة» (19).
وبالإضافة إلى هؤلاء يمكن أن نضيف كل من أ. إيكو ورولان بارث، الأول يدعو إلى النظر في موسوعة النص، أي مجموع الظروف الثقافية والتاريخية المنتجة للنص.. أما الثاني فقد دعا إلى التعويل على القارئ الذي يكتب النص وهذا بإعادة تركيب المعاني الواردة فيه (20).
لكن مع هذا تبقى البنيوية منهجاً يلقي بظلاله على المناهج الأخرى نظراً إلى الأدوات الإجرائية التي يمدها للتحليل، وفي هذا الصدد نرصد اتجاهين أساسيين في تحليل الخطاب، منطلقهما هو البحث في المعنى والدلالة في الملفوظ والخطاب، بمعنى النظر إلى اللغة ليس كنظام ، مثلما فعل دي سوسور وإنما النطر إليها كاستعمال .

الصفحات