أنت هنا

قراءة كتاب إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

إدارة الصراع في المؤسسات التربوية

إن مدير المدرسة يقع في قمة الهيكل التنظيمي للمدرسة، فإنه يتحمل العبء الأكبر في قيادة الأفراد، والجماعات، وتنسيق جهودها، وتوجيهها، في عمليات التخطيط والتوجيه والتنسيق والتنفيذ والتقويم باعتباره قائدا تربويا تناط به مهام حيوية .

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 3

يتضح مما سبق أن الأهمية النسبية للكفايات تكمن في أنها تساعد على تحسين أداء مديري المدارس وتجعل من قراراتهم أكثر واقعية وقابلة للنجاح، مما يتطلب أن تتوافر لدى هذا المدير كفايات مهنية تشكل إطارا مرجعيا ومنطلقا لازما ؛ لإنجاح تفاعله مع المهام والأدوار التي يقوم بها، إذ أن فاعلية المدرسة وتميزها يتوقف على مدى امتلاك مديرها لكفايات مهنية تنعكس على تجويد أدائه، فالكفايات المهنية تصل بمدير المدرسة إلى درجة الاحتراف المهني في مجال عمله " إن إلمام مدير المدرسة بقواعد تربوية وتطورات تقنية على صعيد الأداء التعليمي واستراتيجيات التعلم سيجعل منه مديرا قادرا على التوجيه والإرشاد والتقويم للفريق العامل معه إضافة إلى الطلبة "

(Dunne & Deliso, 2001: 4) .

هذا ويواجه المدير أثناء قيامه بواجباته وأدواره العديد من المشكلات والصراعات التي قد تكون ناجمة عن نقص في المعلومات، أو قصور في التخطيط، أونقص في الموارد البشرية أو المادية، أو بسبب اختلاف الأدوار والتوقعات، إذ يقر الفكر الإداري المعاصر أن المدرسة نظام اجتماعي، يتفاعل العاملون فيه بعضهم مع بعض بصفة دائمة، لتحقيق الأهداف التنظيمية، غير أن هذا التفاعل قد يؤدي إلى اتفاق العاملين في بعض المواقف، وتعارضهم واختلافهم في البعض الآخر، وغالبا ما يؤدي هذا التعارض والاختلاف إلى حدوث الصراع الذي " يعد من المشكلات السلوكية الرئيسة التي يواجهها المديرون في عملهم اليومي، ذلك لأن المنظمات بطبيعتها تخلق مواقف حاملة للصراعات، فحينما يكون هناك تفاعل، فإن ظاهرة الصراع حتمية " (اللوزي، 1999 : 74 )، وتفرض التطورات الحديثة للمنظمات التعليمية على مدير المدرسة أخذ تأثيرات الصراع في الحسبان، فلكي ينجح المدير في تحقيق أهداف المدرسة، عليه أن يحقق التفاعل الداخلي للمدرسة، وأن يحفز العاملين على المبادرة والابتكار، وتحقيق التكامل والتعاون الفعال، وذلك عن طريق تشجيع الصراع البناء، والقضاء على أسباب الصراع الضار أو الهدام في المدرسة(مصطفى، 2000 : 425ـ 438) . كما أن مدير المدرسة في هذا العصر يقوم بمهام متنوعة ذات أهمية كبيرة، لتطوير العمل التربوي، وتنمية جوانبه المختلفة، ومن هذه المهام إدارة وحل الصراعات التي قد تنشأ بين أفراد المجتمع المدرسي( الحديدي، 1998 : 5 ) .

وتعد ظاهرة الصراع في المنظمات الحديثة من الظواهر السلوكية المهمة، والمعقدة وشديدة التشابك والتي لا يمكن للمدير كقائد إداري إهمالها، فالتعامل معها وإدارتها جزء لايتجزأ من عمله الإداري، كما أن الصراعات من أهم معوقات العمل لدى المديرين، فإذا لم يتم اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارتها، فإنها تستهلك جهد الإدارة ووقتها في مواجهتها، بدلا من استثمار هذا الجهد والوقت في أنشطة منتجة، وتشتت جهود العاملين بعيدا عن مسار تحقيق الأهداف وتثبط المعنويات والعزائم، وتضعف روح الفريق بين العاملين (مصطفى، 2000 : 445)، ويشير التقرير الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للإدارة ( American Management Association ) إلى أنه منذ أكثر من عشرين سنة كان المديرون ونوابهم، يقضون حوالي (25% ) من أوقاتهم في معالجة النزاعات ضمن المنظمات (Lippitt, 1982: 66)، أما بالنسبة إلى الإدارات في المؤسسات التربوية، فنجد أن هذه النسبة كانت مختلفة تماما وتصل إلى (50%) من أوقات الإداريين فيها (Lippitt , 1982 : 67) .

ومع تزايد أعداد الطلبة والعاملين في المدارس، وتزايد اختلافات البيئة الاجتماعية، والثقافية بينهما، فلابد من الافتراض بأن تلك النسب قد ازدادت في يومنا هذا، بازدياد الفروق الفردية والاختلافات في البيئة الواحدة، مما أدى إلى زيادة في سوء الفهم بين الأفراد وضعف كفاءة الاتصال بينهم، وهذا يفرض الحاجة إلى توافر قيادة إدارية مهنية واعية قادرة على مواجهة الصراعات، والقيام بالمهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقها على أكمل وجه وبأفضل الأساليب .

كما أن وجود قدر معتدل من الصراع في أي مؤسسة، يحقق لها أعلى مستوى من الفعالية، إذا تمت إدارته بطريقة جيدة (شحادة، 1992 : 2)، وينظر علماء العصر الحديث المهتمين بظاهرة الصراع إلى الصراع على أنه مؤشر إيجابي وباعث على ارتفاع مستوى الأداء، إلى الحد الذي ينتج عنه حل إبداعي للمشكلات التي تواجهها، إضافة إلى أن وجود قدر معتدل من الصراع في أي منظمة يمكن أن يساعدها في تحقيق الأهداف التنظيمية بدرجة عالية من الكفاءة، وزيادة القدرة على التطوير والابتكار، وأن القليل من الصراع أو عدم وجوده، يؤدي إلى الركود والجمود والملل والروتين، مما يؤدي إلى تدني الانتاجية، بينما تركه بدون مراقبة بحيـث يزيـد عـن القـدر المعقـول، يؤدي إلى نتائج سلبيـة مثــل؛ التوتــر، والقلق، وانعــدام الثقــة والتعاون بين العاملين، ممــا يـؤدي إلى انخفـاض كفـاءة وفاعليــة المؤسســة (Kreitner& Kinicki , 1992 : 376-377 ) . وعلى مديري المدارس استثمار الصراع لحفز الطاقات والامكانات الإبداعية لدى العاملين لتحسين مستوى أدائهم، فالصراع يساعد على تحقيق العديد من المميزات للمدرسة منها على سبيل المثال ؛ ترشيد القرارات، وزيادة القدرة على التطوير والابتكار، شريطة أن يحسن مدير المدرسة اختيار الاستراتيجية المناسبة لإدارة هذا الصراع (زايد، 1995 : 550)، ومما يجب إدراكه من قبل مدير المدرسة أن يعمل على توفير المناخ التنظيمي الذي يقود أفراد المجتمع المدرسي إلى الإبداع والابتكار في ممارساتهم، ويمكن تحقيق هذا المناخ من خلال قدرة المدير على حل المشكلات، وإدارة الصراع وتوظيفه إيجابيا، كي يتحول إلى تنافس مثمر، وإلى إنجازات إبداعية (Nesmith , 1999) .

وانطلاقا من حقيقة أن الصراع حتمي في حياة أي منظمة، فلا بد إذا من التعامل معه بشكل يتم توظيفه لخدمة وتطوير المدرسة، إذ تلعب ممارسة إدارة المنظمة دورها في تحجيم حدة الصراع وتكييفه لخدمة المنظمة مما يعزز قدرتها الإيجابية على إدارة الصراع وتوجيهه إيجابيا لتحقيق أهداف المنظمة . وتشير نتائج الدراسة التي أجراها كل من كروش ويتون (Crouch & Yetton, 1987) إلى أن المدير الذي يستطيع إدارة الصراع بدرجة عالية من الكفاءة يمكن أن يجمع العاملين معا وأن يدفعهم لتحقيق أفضل أداء تنظيمي ممكن، أما المدير الذي يفتقر إلى مثل هذه القدرات والكفايات فيمكن أن يكبد المنظمة تكاليف مرتفعة نتيجة الجوانب السلبية المترتبة على عدم كفاءة إدارة الصراع .

الصفحات