كتاب " وداد من حلب " ، تأليف قحطان مهنا ، والذي صدر عن دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب وداد من حلب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ـ لم يكن هناك أيَّةُ مشاحنات.. كنَّا نتناقش حول آنا كارنينا.
تابعها مستفسراً.. فأكملت :
ـ زينب كانت تقول أنَّ آنا كارنينا غبية وبهيمة!..
ـ لماذا؟!..
ـ لأنه كان عليها أن تعرف أنَّ امرأة تترك زوجها من أجل آخر.. سيأتي يوم يتركها هذا من أجل امرأةٍ اخرى.. حينها لن تجد حلاً سوى رمي نفسها تحت عجلات القطار , لذلك فهي غبيَّة وبهيمة!..
علَّق رأفت :
ـ زينب قالت ذلك؟!..
فردَّت أم نضال :
ـ زينب عفريتة.. شاقة الأرض وطالعة.
سأل رأفت ابنته:
ـ وأنت ما رأيك؟!..
ـ أنا من رأي زينب ما عدا موضوع الانتحار.. يعني كان بإمكانها أن تتوب وتصبح راهبة وتدخل أحد الأديرة.. كانت القصة تصبح أجمل وأقلّ قسوة.
تدخَّلت أم نضال قائلةً :
ـ يا أبو أحمد, والله هذه الكتب والروايات لا تناسب البنات في هذا العمر.. بكيّر عليهن.
وافقها أحمد ابن زوجها :
ـ والله كلام خالتي أم نضال صحيح يا أبي.
فردَّ أبوه عليه :
ـ لا.. ليس صحيحاً.
شعر أن كلامه كان فجَّاً , فنظر إلى وجه زوجته المستاءة وقال لها:
ـ يا أم نضال, هذه الروايات من أرقى الروايات في العالم, وكُتَّابها من أعظم الكُتَّاب في العالم.. وكاتب هذه الرواية «آنا كارنينا» لم يكتبها ليفسد عقول بناتنا بل ليصلحها , إنه يساعدك أنت الأم الفاضلة العظيمة على تربية أولادك.
انشرحت أم نضال لمديحه بعض الشيء, فقالت محاولةً التخفيف من جديّة النقاش :
ـ يعني الحقيقة الحقيقة.. لا يركب الموضوع على عقلي , بنتان طفلتان تلعبان في صحن الدار ساعتين بالطابة، ثمَّ ساعتين بالحلجة، ثمَّ تجلسان معنا تتحدَّثان عن آنا كارنينا.. فتأملُّوا يا ناس.
أجاب رأفت مبتسماً :
ـ إحداهنَّ ستتزوَّج بعد أشهرٍ قليلةٍ, وستصبح أماً بعد سنة.
احمرَّ وجه ابنته وفاء, وتلهَّت بطلب الملح, بينما كان أخوها خالد يغمزها بعينه.
نظر رأفت إلى ابنه خالد وتذكَّر مراهقته.. تذكَّر كيف ضبطه ذات يومٍ وكان يقرأ كتاباً رخيصاً عن الجنس, كان المحتوى رديئاً مُقزِّزاً, جنس فموي وجنس في جميع الأوضاع.. حمل يومها الكتيِّب معه , وفي المكتبة أخذ ينتقي مجموعة من الكتب.. روايات شيقة من الأدب العالمي، ثمَّ لمح رواية ستاندال.. الأسود والأحمر, فقال لنفسه: ليتعرَّف على الجنس وسطوة الجنس ومرارات الجنس, حمل هذه المجموعة معه إلى البيت, وضعها على سرير خالد والكتيِّب الرخيص معها , كان مقتنعاً أنَّ من يقرأ الروائع لن يستهويه الرخيص ولن يستسيغه , إلا أنَّه أنَّبَ نفسه لتأخُّره في الانتباه لخالد , الأمر الذي لم يحدث مع بقيَّة أبنائه.
نظرمرَّة ثانية إلى خالد وتساءل إن كان الأمر قد نجح معه.. ثمَّ ابتسم في سرِّه , فلقد كان « صِيْتْ » خالد الغندور يصلهُ من بعيد, إلا أنه استدرك قائلاً لنفسه: لكن ما دخل هذا بذاك؟..