أنت هنا

قراءة كتاب سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947

كتاب " سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه ايران 1941-1947 " ، تأليف د. عبد المجيد عبد الحميد علي العاني ، والذي صدر عن دار دجلة ناشرون وموزعون ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

الفصل الأول : العلاقات الأمريكية – الإيرانية حتى عام 1941

تمثلت الاتصالات الأمريكية الأولى مع إيران في البعثات التبشيرية التي وفدت إلى البلاد خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر ، وكانت طليعتها البعثة التي وصلت عام 1830 للتبشير بين المسيحيين النساطرة في الشمال الغربي من البلاد .([1]) وأعقب ذلك وصول إرساليات جديدة تزايد عددها تدريجياً حتى بلغ عام 1884 أربعا وعشرين إرسالية ، تقوم بإدارة مراكز افتتحت لهذا الغرض في كل من أرومية (الرضائية) وطهران وهمدان وتبريز ، ويتبعها عدد من الكنائس والمستشفيات والمدارس في بعض المدن الإيرانية .([2]) وقد أدت هذه الإرساليات وتوابعها دوراً في تمهيد الطريق للتغلغل الأمريكي في إيران .([3])

وفضلاً عن ذلك شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر اتصالات سرية بين الجانبين الأمريكي والإيراني جاءت نتيجة لسعي الحكومة الإيرانية إلى إيجاد حليف لها من بين القوى الغربية أملاً منها في تحقيق سياسة " القوة الثالثة " (Third power Policy) التي تستطيع من خلالها إيجاد نوع من التوازن بين مصالحها من ناحية ، ومصالح كل من روسيا وبريطانيا من ناحية أخرى ، وقد وجدت في الولايات المتحدة الأمريكية خير من يقوم بمثل هذا الدور لاسيما أن الأمريكان لم تكن لديهم اهتمامات ظاهرة في الشرق .([4]) بسبب البعد الجغرافي الذي يفصل بين البلدين ، مما جعل إيران تطمئن إلى الجانب الأمريكي أكثر من غيره .([5])

ومن الدوافع التي أدت إلى هذه الاتصالات ما كانت تبذله الحكومة الإيرانية من جهود للحصول على سفن حربية لتحقيق رغبتها في بناء أسطول بواسطة شراء السفن أو ببناء هذه السفن بمساعدة الدول الأوروبية . وقد تجددت هذه الجهود في عهد ناصر الدين شاه (1848-1896) ، ولكنها توجهت هذه المرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن يئست من مساعدة بريطانيا وروسيا في هذا المجال .([6])

ومهما يكن من أمر ففي ربيع عام 1850 جرت اتصالات سرية بين القائم بالأعمال الإيراني والسفير الأمريكي المقيم في اسطنبول جورج مارش George p.Marsh ، تم على أثرها التوقيع في تشرين الأول 1851 على معاهدة صداقة وتجارة وملاحة ، إلا أن هذه المعاهدة لم تدخل حيز التنفيذ ولم يقرها (الكونغرس) الأمريكي ، لأنها لم تنص على مادة تضمن للرعايا الأمريكان الحقوق والامتيازات الممنوحة لرعايا الدول الأوروبية الأخرى الأكثر تفضيلاً في إيران .([7]) وكذلك بسب المعارضة البريطانية والروسية لها .([8])

لكن عدم تنفيذ هذه المعاهدة لم يحل دون استمرار الاتصالات بين الجانبين، فخلال الحقبة 1851-1856 عبرت الحكومة الإيرانية من خلال ممثليها في اسطنبول وفينا عن رغبتها في استئناف المفاوضات بينهما للتوصل إلى صيغة نهائية لمعاهدة تجارية وعسكرية تستطيع من خلالها الحصول على مبتغاها في شراء سفن حربية أمريكية لبناء أسطولها ، وتمنحها الحق في استخدام بحارة أمريكان لتوفير الحماية للموانئ الإيرانية الواقعة على الخليج العربي .([9])

إلا أن (الكونغرس) الأمريكي ظل على موقفه الرافض لمشروع المعاهدة، ويعود السبب في تقديرنا إلى عدم رغبة الولايات المتحدة الدخول في علاقات سياسية مع إيران على النحو الذي عرضه مشروع المعاهدة الذي يلزمها بتقديم المساعدات البحرية لها . لان ذلك بطبيعة الحال سوف يدخل الجانب الأمريكي في مشكلات مع بريطانيا ، لا سيما وأنها قد تمكنت خلال تلك المرحلة ، بعد جهد كبير ، أن تجعل من الخليج العربي بحيرة تكاد تكون مغلقة لنفوذها , لذا فإنها ستعارض بشدة أي تدخل من أية قوة أجنبية في مياهه ، ولعل ذلك يفسر سبب خلو المعاهدة التي توصل الطرفان إلى عقدها أخيراً في اسطنبول بتاريخ 13 كانون الأول 1856، وقعها عن الجانبين سفيرا البلدين لدى الباب العالي ، كارول سبنس Carroll Spence عن والولايات المتحدة ، وفروغي خان أمين الملك عن الجانب الإيراني ، من أية مادة تحقق لإيران أملها في الحصول على حق شراء سفن حربية أمريكية ، بل إنها منحت الرعايا الأمريكان الحقوق والامتيازات الممنوحة لرعايا الدول الأخرى ، منهية بذلك اعتراض (الكونغرس) الأمريكي . كما تم خلالها الاتفاق على كثير من الأمور التي تنضم الشؤون الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية بني البلدين .([10]) وظلت هذه المعاهدة تحكم العلاقات الدبلوماسية بينهما حتى إلغائها في 3 مارس 1928 حينما اصدر رضا شاه قراراً بإلغاء الامتيازات الأجنبية في إيران .([11])

وعلى الرغم من أن هذه المعاهدة قد وضعت حجر الأساس لقيام علاقة دبلوماسية بين الجانبين الأمريكي والإيراني ، فان الولايات المتحدة لم تحاول إقامة مثل هذه العلاقة ، ولعل السبب في ذلك يعود إلى ظروف الحرب الأهلية 1861-1865 وما رافقتها من تطورات ، وانشغال الحكومة الأمريكية في معالجة آثارها، أولاً، وتمسكها بمبدأ العزلة في سياستها الخارجية ، ثانيا .([12])

الصفحات